أثناء تعقيبه على جواب رئيس الحكومة، بخصوص السؤال المحوري لفريق التقدم والاشتراكية، والمتعلق ب “مشروع قانون المالية لسنة 2023 بين الرهانات الاقتصادية والاجتماعية والبرنامج الحكومي”
الجلسة العمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة المنعقدة بمجلس النواب، يوم الاثنين 24 أكتوبر 2022
قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن هناك وعيا بالتقلبات الدولية الحادة التي لا يمكن الإفلات منها، وكذا السياق الدولي الذي تزامن معه تنصيب الحكومة الحالية، والذي يعد سياقا صعبا، طبعته حالة غير مسبوقة من اللايقين.
وأضاف حموني في معرض مداخلته، أن هذا السياق الصعب مفهوم، لكن في نفس الوقت لا يمكن اعتباره مبررا للإجراءات التي تقوم بها الحكومة والتي تعاكس الوعود التي عبرت عنها سواء قبل انتخابها أو بعد ذلك أو في القوانين التي تعلن عنها، بما ذلك قانون المالية لسنة 2022
وأبرز حموني أن الحكومة مطالبة بإبداع الحلول عوض إبداع المبررات، خصوصا أمام الظرفية العالمية الصعبة وما يعيشه المواطنات والمواطنين من غلاء مستمر في الأسعار وارتفاع تكاليف المعيش اليومي.
وحول قانون المالية لسنة 2023، قال حموني إنه لا يمكن تغليب الجانب المالي على الجانب الاجتماعي الذي يبقى ضروريا، حيث دعا إلى ضرورة الاهتمام بالمواطنات والمواطنين وتحسين جودة العيش، معتبرا أن تحسين عيش المواطنات والمواطنين لا يجب أن يكون مجرد شعار مدبج في مشروع المالية وإنما خطة للعمل وإجراءات واقعية.
في هذا الصدد، توقف رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب عند أبرز الاختلالات التي جاء بها مشروع القانون المالي لسنة 2023، وفي مقدمتها تضخيم الأرقام وتقديم فرضيات خاطئة ومبالغ فيها.
ومن جملة ذلك، ذكر حموني فرضية وضعتها الحكومة حول نسبة النمو، حيث حددتها في 4 بالمئة، بينما مختلف الشركاء الاقتصاديين بأوروبا وضعوا نسبة 0.5 بالمئة بالنظر للتقلبات الدولية، فيما لم تتجاوز نسبة النمو 2.7 بالمئة عالميا.
وتساءل حموني عن خلفيات وضع 4 بالمئة وعلى ما تستند الفرضيات التي تم وضعها، مذكرا بأن نسبة النمو التي تم وضعها للسنة المالية الحالية 2022 والتي تم تحديدها في حوالي 3.2 بالمئة لم تتجاوز حتى 0.7 بالمئة.
وإلى جانب ذلك، تساءل حموني عن الأرقام التي جاء بها مشروع مالية 2023 والفرضيات في القطاع الفلاحي، حيث قال إن ما تم تدبيجه في هذا المشروع لم يراع الحالة التي يعرفها القطاع اليوم، خصوصا مع تأخر الأمطار وما يمكن أن يحدث من إشكاليات على هذا المستوى.
كما قدم المتحدث نفسه مجموعة من الأرقام التي قال إنها تبقى بدون سند واقعي، كما حدث في مالية 2022 والتي تم وضع ما يزيد عن 245 مليار للاستثمار، في حين أنه على أرض الواقع ما تزال الأمور بعيدة، كما هو الشأن بالنسبة لعدد من الخدمات الاجتماعية كالصحة وغيرها.
وشدد حموني على أن هناك حاجة ملحة للوضوح وشرح الأمور وتبسيطها للمواطنات والمواطنين عوض السير في مسار المبالغة، حيث قال إن مشروع مالية 2023 يحتاج إلى فرضيات صحيحة وإلى قول الحقيقة للناس عوض توهيمهم بالأرقام وبالنسب المبالغ فيها.
ونبه حموني إلى أن ما تقوم به الحكومة من إجراءات يجعلها في واد والمواطنات والمواطنين في واد آخر، خصوصا وأن ما يتم الترويج له من منجزات ليس له انعكاس على أرض الواقع وعلى المواطنات والمواطنين.
في هذا الإطار، حذر النائب البرلماني نفسه عن الإجهاز على الطبقة المتوسطة التي تعد أكبر طبقة تؤدي الضرائب، حيث قال إن أضحت تعاني ويجير الإجهاز عليها، متسائلا عن الإجراءات التي تمت لدعم هذه الطبقة، حيث انتقد إجراء الزيادة لهذه الفئة الذي لم تراوح بين 25 درهما و187 درهما، متسائلا عما يمكن أن تضيفه هذه الزيادة لهذه الفئة التي تعاني.
وبعدما انتقد حموني عدم الوفاء بالتزامات مالية 2022، قال إن الإجراءات المعلن عنها ليست شعارات وإنما هو التزام أمام المواطنات والمواطنين، داعيا الحكومة إلى التحلي بالمسؤولية والواقعية ووضع الأرقام والفرضيات الصحيحة وإعطاء الأولوية للجانب الاجتماعي.
وعن دعم الحكومة لأشخاص في وضعية إعاقة، أوضح الحموني أنه لا يمكن الافتخار والترويج لتخصيص 500 مليون لهذه الفئة لكون الأمر يتعلق سوى بـدرهم واحد و20 سنتيما لليوم الواحد، متسائلا عن جدوى 1.20 درهم كدعم في اليوم الواحد لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وبخصوص نظام الحماية الاجتماعية، أوضح حموني، كذلك، أن الحماية الاجتماعية ليست هي وضع أسماء المواطنين في نظام معلوماتي بدون إرفاق هذه الإجراءات بإجراءات عملية على أرض الواقع، خصوصا المستشفيات والبنية التحتية، حيث لفت إلى أن مدينة من حجم إقليم بولمان ما تزال منذ 2017 تنتظر بناء مستشفى بعدما تم التوقيع على اتفاقية إنجازه.
كما دعا المتحدث إلى إعادة النظر في العنصر البشري بالمجال الصحي وبالتعليم وغيرها من القطاعات الأساسية التي تحتاج إلى الرفع من عددها وتوزيعها مجاليا، بما يحقق شعار العدالة المجالية والعدالة الاجتماعية.
إلى ذلك، نبه حموني إلى أن اختزال الحكامة في إصلاح الجهوية والرقمنة والمساطر الإدارية، كما جاء في مشروع مالية 2023، يبقى دون المستوى المطلوب، معبرا عن أسفه لهذا الفهم المغلوط لكون الحكامة الحقيقية، حسب المتحدث، هي محاربة الفساد والريع والاحتكار وتدبير الشأن العام ووضع السياسات العمومية بما ينعكس من أثر واقعي على المواطنات والمواطنين.
محمد توفيق أمزيان
بيان اليوم