النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية، يدعو للعمل على تنمية القطاع الفلاحي لتحقيق الأمن الغذائي في المغرب

أثناء تعقيبه على جواب رئيس الحكومة، بخصوص موضوع: “السيادة الغذائية” خلال الجلسة الشهرية المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، والمنعقدة بمجلس النواب يوم الإثنين 8 مايو 2023.

 

فيما يلي النص الكامل للمداخلة:

  • شكرا، السيد الرئيس؛
  • السيد رئيس الحكومة المحترم؛
  • السيدات والسادة الوزراء؛
  • السيدات والسادة النواب؛
  • مساء الخير،
  • في البداية السيد رئيس الحكومة نُسجِّلُ إيجاباً تَفَاعُــلَــكُــم مع مُكوِّنات المجلس، ومع فريق التقدم والاشتراكية تحديداً، والذي كان سَبَّاقاً إلى طلب مناقشة موضوع السيادة الغذائية، في إطار الـــمُساءلة الشهرية؛
  • فالسيد رئيس الحكومة، هذا النقاش المؤسساتي الذي يتناولُ العيش اليومي للمواطنات والمواطنين، هو الذي من شأنه أن يرفع من الثقة في السياسة، وفي مؤسساتنا المنتخبة؛
  • ويجبُ التأكيد، في البدايةً، على أنَّ مسألةَ الأمن الغذائي مُرتبطة، أساساً بالسياسات العمومية الهادفة إلى ضَمَانِ العيش الكريم، من خلال الإجراءات الواجب اتخاذُها لمواجهة غلاء الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمغاربة، واعْــتِبَار ذلك أولويةً لا تَـــقِـــلُّ أهميةً عن الإصلاحات الكبرى التي تقولون بها؛
  • إنَّ هذه المقاربة، التي تُقَدِّرُ حَــــقَّ التقدير الأوضاعَ الاجتماعية، وتنسجم فعليًّا مع “مفهوم الدولة الاجتماعية” الذي تعتمدونه كشعار، هي ما جَعَلَ حزبَ التقدم والاشتراكية يُوجِّهُ إليكم رسالةً مفتوحة، بعد العشرات من المبادرات من داخل البرلمان وخارجه، من أجل تحسيسكم بِدِقَّةِ هذه الأوضاع؛
  • وهي الرسالة التي لن نَخُوضَ في بعض الأساليب الـــمنحطة التي استعملها البعضُ في التفاعل معها، لأننا ننتمي إلى مدرسةٍ سياسيةٍ اعْـــتَــــبَــــرَت دائمًا أنَّ السياسةَ أخلاق؛
  • لكن، بالمقابل، من الواجب علينا، دفاعًا عن مضامين الدستور والممارسة الديموقراطية، أن نتوقف عِنْدَ امْتِنَاعِكُمْ عَنِ الجواب، وعند تَـــفْـــوِيضِــكُــمْ مُهمةَ الرَّدِّ إلى حزبكم الذي لم يكن هو الـــمُخاطَب. وهو الرَّدُّ الذي أَبَــانَ عن قُصورٍ في فَهْمِ الدستور والممارسة الديموقراطية، إلى حَـــدِّ إنكار حقِّ حزبٍ سياسي في مُخاطبة رئيس الحكومة!!
  • فَمَا أهميةُ حزبٍ سياسي، خصوصًا في المعارضة التي يُمْكِنُ أن يُوجد فيها حزبُكم غداً، إذا لم يَقُمْ بِدَوْرِهِ الدستوري والسياسي في النَّقْدِ والاقتراح، بكل الطرق والأساليب المشروعة.
  • لذلك، سَــــيُواصِلُ حزبُ التقدم والاشتراكية، من داخل البرلمان ومن خارجه، بِقُوَّةِ الدستور والقانون، وبِقُوَّةِ ما تَفرِضُهُ الممارسةُ الديمقراطية السليمة، مُساءلةَ حكومتكم، لَعَــــلَّـــــهَا تَخرُج عن صمتها وعجزها، وتَسْـــتَـــشْـــعِـــرُ فِعليًّا دِقَّةَ الأوضاع الاجتماعية، بما تَــــشْهَــــدُهُ من تَـــدهورٍ خطير للقدرة الشرائية للمغاربة، ومن استمرارٍ للغلاء الفاحش، ومن تَوَسُّعٍ كبير لدائرة الفقر والبطالة، ومن تصاعدٍ للاحتقان والغضب في كل أوساط المجتمع؛
  • إنَّ كلَّ هذه المظاهر الـــمُقلقة تُؤكدها” ماشي غير حنا اللي كنقولوها” تقاريرُ ومعطياتُ مؤسساتٍ وطنيةٍ رسمية، في مقابل نَــــعْــــتِــــهَا من طرف بعضكم ب”نقاش الكاميلة”، في احتقارٍ صارخ وغير مقبول لمعاناة المواطنين؛
  • السيد رئيس الحكومة المحترم؛
  • يتعين الإقرارُ بأنَّ قضية السيادة الغذائية صارت مَطروحةً اليوم، عالميا، ليس في المغرب فقط بحدة أكبر. وهو ما يَفرضُ علينا التركيز أكثر على إنتاج ما نستهلكه، وعلى استهلاك ما نُـــنتجُه، وِفق مواردنا، ووفق احتياجاتنا الوطنية؛ وليس بالخضوع إلى مصالح المتحكمين الكبار في سوق الأغذية، دوليا ووطنيا؛
  • كما تَفرض السيادةُ الغذائية إحداثَ منظومةٍ وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، كما أكد على ذلك جلالةُ الملك حفظه الله؛
  • طبعاً، السيد رئيس الحكومة، بلادُنا، اليوم، – كما كنسمعو – ليست في وضعية الجُــــوع، ولم تكن أبداً لدى المغاربة، مُنذ حُصُــــولِـــنَا على الاستقلال، مُشكلةٌ مع تَوَفُّرِ الأغذية. بل إنَّ أكبر مشكلٍ اليوم هو (كيفاش المغربي يمشي للسوق ويعمّْر القفة ديالو بثمن مناسب)؛
  • وبكل موضوعية السيد رئيس الحكومة، إنَّ السياسة الفلاحية ببلادنا راكمت عدداً من النجاحات، لا سيما من حيث تكثيف وتنويع الإنتاج؛ والزيادة في التصدير؛ وتطوير البحث العلمي الزراعي؛ واستعمال التكنولوجيات الحديثة؛ وتطوير أداء عدد من التعاونيات والانتاجات المحلية؛
  • لكن تقتضي الصراحةُ في نفس الوقت الاعترافَ بأنه بقدر ما ارتفعت وفرةُ بعض المنتوجات، بقدر ما نَـــشْهَـــدُ غلاءً غير مسبوق يَفُوقُ إمكانيات المواطنين؛
  • كما أننا نضطر، اليوم، إلى استيراد الحبوب والأبقار واللحوم والسكر والزيت إلى غير ذلك؛
  • وعليه، نتساءل اليوم: أين هي مقومات الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي!؟
  • ومن الإخفاقات، أيضا، أنَّ مُعظم أشكالِ الدعم المالي استفاد منها، في المقام الأول، كبارُ الملاكين. في حين لا يزالُ الفلاحون الصغار والمزارعون يُعانون، حيث ثلاثةُ أرباع من الفقراء مَوْجُودُونَ في الوسط القروي. كما فَقَدْنَا مؤخراً حواليْ 229 ألف منصب شُغل بالوسط القروي، حسب HCP؛
  • وفَوْقَ هذا وذاك، فإنَّ ما نُصَدِّرُهُ يَستهلكُ كمياتٍ مائية هائلة، تَفُوقُ مواردَنَا المائية المحدودة أصلاً، والــــمُــهدَّدَة بِفعل الجفافِ الهيكلي والتغيرات المناخية؛
  • وحتى إذا افترضنا هذه الإنجازَات السريعة للتجهيزات المائية المبرمجة، والتي تَوَفَّرَتْ لها جميع الإمكانياتُ اليوم، فذلك لن يُـــبرر الاستمرار في الاستهلاك المفرط والعشوائي للماء في الزراعات التصديرية، في الوقت الذي يتعين أن تُعطى الأولويةُ لمياه الشرب، مع عقلنة وتأطير استعمال الماء الــــمُوَجَّهِ للسقي الفلاحي طبعا؛
  • وبعيداً عن أي مزايدة السيد رئيس الحكومة، فإنَّ هذا بالضبط ما كنا نُدافع عنه ولا زلنا ندافع عنه؛
  • السيد رئيس الحكومة؛
  • هناك إصرارٌ غريب على اعتبار مناقشة مخطط المغرب الأخضر، وامْتِــــدَادَاتِـــهِ الحالية، موضوعاً مُقَدَّساً ومُحَرَّماً، ويُثير حساسية مفرطة، وكأنه موضوعٌ شخصي لا يَحِقُّ لأحدٍ الاقترابَ منه أو الـــمُـــطالبة بتقييمه ومراجعته؛
  • والحالُ أنه لا يُوجد أي مخططٌ في العالم يَنجح 100%؛
  • إننا، بكل وطنية والتزام، ومن موقع المعارضة المسؤولة والبناءة معارضة مسؤولة وبناءة -أكما بدينا معاك كملنا – لا نتغير في مواقفنا، نتقدم بجُملةٍ من الاقتراحات والحلول، والتي نرى أنَّ على الحكومة دراستــها، لحماية سيادتنا الغذائية؛
  • من بينها: الحفاظُ على حق الأجيال اللاحقة في الموارد الطبيعية؛ التوازن بين السوق الداخلية والخارجية؛ تحقيقُ الاكتفاء الذاتي الأساسي؛ تحسينُ الظروف المعيشية للفلاحين والكسابة الصغار، الرفع من دخل العمال الزراعيين؛ الاهتمام بالفلاحة الأسرية والتضامنية؛ الاستثمار في الزراعات المستدامة؛ وإصلاح أسواق الجملة؛ وزجر المضاربات والاحتكار؛ وجعل الإنتاج السمكي في خدمة المستهلك المغربي، وتطوير الصناعات الغذائية والزراعية؛
  • السيد رئيس الحكومة؛
  • عَوْدَةً إلى غلاء الأسعار الذي هو المَصدَرُ الأول لقلقِ المواطن. ولأنكم اعتبرتم، وَلَوْ بشكلٍ مُجانِبٍ للصواب، أن جَوابَـــكُــم لن يكون سوى أمام البرلمان، ها نحنُ نُعِــيدُ عليكم السيد رئيس الحكومة، طَــــرْحَ نفس الأسئلة التي وَجَّـــهْـــنَا إليكم، والمرتبطة بالأمن الغذائي وحماية القدرة الشرائية؛
  • فمن حقنا، ومن حق المغاربة، التساؤُل:
  • أين هو دخل الكرامة؛ والزيادة في الأجور والمعاشات؛ وتوسيع رقعة الطبقات الوسطى، أساسا في الوسط القروي؛ وتحقيق 4% من نسبة النمو؛
  • أين هو إحداث 200 ألف منصب شغل قار سنويا؛ وإخراج مليون أسرة من وضعية الفقر؛
  • وما جوابكم على مقترحات حِزْبِنَا، المتعلقة بالتسقيف المرحلي للأسعار؛ ومراقبة اختلالات التسويق؛ والزجر الصارم للممارسات الفاسدة لبعض كِبارِ الوسطاء والمضاربين؛ وإجراء تقييمٍ فوري لدعم أرباب النقل؛ وتوظيف المداخيل الضريبية الاستثنائية في تقديم الدعم المباشر للأسر الفقيرة؛ وإلغاء TVAو TIC على المواد الأكثر استهلاكاً؛ وتنقية قطاع المحروقات؛ وتمكين مجلس المنافسة من المراسيم اللازمة لعمله؟
  • وكيف ستتفاعلون، السيد رئيس الحكومة، مع مَطلَبِ تقييمِ مراجعة السياسة الفلاحية التصديرية على حساب الاكتفاء الذاتي؟ ومع ضرورة إقرار شروط الحكامة الجيدة وإعمال دولة القانون في المجال الاقتصادي، ومكافحة الريع والفساد والاحتكار؟
  • هذه بعضُ أَسْئِلَتِنَا الحارقة، التي تنتظر جوابا؛
  • لأنَّ تَصَوُّرنا للسيادة الغذائية، في فريق وحزب التقدم والاشتراكية، أنها جزءٌ لا يتجزَّأُ من هُويتنا، بِمَــا يجعَلُ كرامةَ الإنسان في قلبِ هذا التَّصَوُّر. إن من حقِّ كلِّ مواطن أن يتوفر على الغذاء، بشكلٍ كافٍ ومضمون، وبأسعار مناسبة للدَّخْل. كما يُـــــبْــــنَــــى تَصَوُّرُنا للسيادة الغذائية على احترام المجال، وحماية حقِّ الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية لبلادهم، وعلى دعم وحماية الإنتاج المحلي، وإشراك المزارعين وإدماجهم في الدورة الاقتصادية، لأنهم هم المنتجون الحقيقيون.
  • شكراً.