حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2025-2024
ورقة حول
حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب
بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2025-2024
الإطار والسياقات
من موقعه، كمعارضةٍ برلمانية وطنية، بنَّاءة ومسؤولة، وتأسيساً على التراكم الإيجابي لحصيلته خلال الفترات السابقة، يقدم فريقُ التقدم والاشتراكية، بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024-2025، على غرار الدورات والسنوات التشريعية السابقة، ورقةً تواصلية حول حصيلة عمله خلال هذه الدورة البرلمانية على كافة أصعدة وواجهات المهام البرلمانية (التشريع؛ المراقبة؛ تقييم السياسات العمومية؛ الديبلوماسية البرلمانية؛ والديموقراطية التشاركية)، وذلك وفق الآليات التي يُــــتيحها الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب.
ومن بين أهم معالم الفترة موضوع هذه الحصيلة: استمرار تصاعُد مكانة بلادنا على الصعيد الإقليمي والعالمي؛ وتنامي المكتسبات الوازنة والنوعية لبلادنا في طريق الطيِّ النهائي للنزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية، مع تسجيل دينامية ملفتة للديبلوماسية البرلمانية لمجلس النواب على هذا الصعيد.
وهي مناسبة لاستحضار توجيهاتِ جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، وأساساً من حيثُ الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، وتوطيد الانتقال من مقاربة رد الفعل إلى مقاربة أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية وبالمزيد من التعبئة واليقظة، لمواصلة تعزيز موقف بلادنا، والتعريف بعدالة قضيتنا، والتصدي لمناورات الخصوم.
ولقد اتسمت الفترة، موضوع هذه الحصيلة، إلى جانب الفرص الكبيرة المتاحة أمام بلادنا لتحقيق تقدُّمٍ أكبر على جميع المستويات وفي كافة المجالات، (اتسمت) باستمرار مؤشرات ومظاهر الاحتقان الاجتماعي، وبالصعوبات الاقتصادية، بما فيها ما يرتبط بتفاقُمِ البطالة، وغلاء الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية، وتراجع مؤشرات مناخ الأعمال. وهو ما تؤكده أرقام ومعطيات مؤسسات رسمية وطنية للإحصاء أو للحكامة، والتي تقوم بأدوارٍ أساسية، من خلال تقاريرها وآرائها الوجيهة. وذلك علاوةً على عدم الاهتمام الكافي واللازم للحكومة بالأبعاد الديموقراطية والحقوقية كجزءٍ محوري لنجاح أيِّ مجهود تنموي.
وتجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ التعديل الوزاري، الذي قامت به الحكومة، لم يرتقِ إلى مستوى تغيير السياسات والمقاربات والإصلاحات، وبقي بالتالي دون أثرٍ يُذكر، لا من حيثُ نجاعة الأداء الحكومي، ولا من حيثُ العلاقةُ الفعلية بين الحكومة بالبرلمان، وأساساً على صعيد التفاعل المطلوب للحكومة مع المبادرات الرقابية والتشريعية لممثلات وممثلي الأمة.
وعلى مستوى السياق الخاص، فقد اتسمت هذه الفترة من الحياة البرلمانية بالتداول في نصوص تشريعية غاية في الأهمية، وأساساً منها قانون مالية 2025، والقانون التنظيمي للإضراب، حيث كانت لفريق التقدم والاشتراكية إسهاماتٌ عميقة في السعي نحو تجويد هذين النصين، لكن للأسف، دون أن يكون للحكومة ما يكفي وما يلزمُ من إرادةٍ سياسية للإنصات والأخذ باقتراحات الفريق جوهرياًّ بما يتناسبُ فعلاً مع مكانة وأدوار المعارضة البرلمانية.
وبمناسبة تقديم هذه الحصيلة الدورية، تجدرُ الإشارة، هنا، إلى أنه خلال هذه الدورة رُزِئَ فريقُ التقدم والاشتراكية بوفاة السيد النائب سعيد إدبعلي، رحمةُ الله عليه. وقد أسهم الفريقُ في تنظيمِ حفلٍ تأبينيٍّ للفقيد يليق بمساره الحافل، وذلك بمدينة الصويرة.
قضية الصحراء المغربية أولى أولويات عمل الفريق
واصل فريقُ التقدم والاشتراكية، خلال هذه الدورة المختتمة، الأولى من السنة التشريعية 2024-2025، انخراطه القوي والمسؤول، على سبيل الأولوية، في الدفاع عن المصالح الوطنية لبلادنا، وذلك في كل المحافل البرلمانية التي يتسنى له المشاركة فيها، من خلال مهام عضواته وأعضائه، سواء داخل أو خارج أرض الوطن، وتمثيليته في الشُّعَب الوطنية ومجموعات الصداقة.
وفي مقدمة ما يترافعُ عنه فريق التقدم والاشتراكية: قضية الصحراء المغربية التي تُواصل بلادُنا فيها تحقيقَ مكتسباتٍ هامة، في شكل اعترافاتٍ وازنة وواسعةٍ بمغربية الصحراء وبوجاهة مقترح الحُكم الذاتي كحلٍّ وحيد لهذا النزاع المفتعل. وذلك بفضل ديبلوماسية وطنية نشيطة، تحت القيادة الحكيمة والحازمة والشُّجاعة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله.
في مجال الرقابة: فريق التقدم والاشتراكية يُوَجِّهُ 210 سؤالاً كتابيا خلال الدورة ليصل العدد الإجمالي إلى 1990 سؤالاً كتابيا
في إطار مهامه الرقابية عن طريق آلية مساءلة الحكومة، وَجَّهَ الفريقُ النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، خلال دورة أكتوبر البرلمانية 210 سؤالاً كتابيا، لكن يظل 180 سؤالاً منها من دون جوابٍ من الحكومة إلى حدِّ الآن. كما تقدم الفريقُ خلال نفس الفترة ب 127 سؤالاً شفويا يظل 96 منها دون جواب.
هكذا، وصل العددُ التراكمي للأسئلة الكتابية للفريق، منذ بداية هذه الولاية التشريعية، إلى 1990 سؤالاً كتابيا يظل منها 546 بدون جواب من الحكومة. كما وَصَلَ العدد التراكمي للأسئلة الشفوية للفريق إلى 848 سؤالاً شفويا، يبقى منها 633 دون جوابٍ من الحكومة.
أما من حيث التوزيع القطاعي لمساءلات الفريق، فقد تصدرت مبادراته، عدديا، قطاعاتُ: التربية الوطنية، والداخلية، والفلاحة، والصحة، والتجهيز والماء، والنقل، والتشغيل، والسكنى، والاقتصاد والمالية، والتعليم العالي، والانتقال الطاقي، وذلك تفاعلاً من الفريق مع نبض المجتمع وانتظارات المواطنات والمواطنين، لكن دون أن يُغفل الفريقُ عن توجيه مساءلاتٍ عديدة إلى السيد رئيس الحكومة، ولا عن مساءلة باقي القطاعات، كالعدل والأوقاف والشباب والثقافة والإدارة وغيرها.
أما من حيث الجلسات الشهرية المخصصة لمساءلة السياسات العامة، فإن 4 أشهر من عمل المجلس خلال هذه الدورة مَثُلَ فيها السيدُ رئيس الحكومة 3 مرات، أسهم فيها الفريقٌ بالتعبير عن مواقفه من خلال مناقشة مواضيع هامة (التجارة، السياحة، والبنيات التحتية).
هي مناسبة ليؤكد فريقُ التقدم والاشتراكية على ضرورة تجديد المقاربة ديموقراطيًّا في اختيار مواضيع المساءلة الشهرية، وتنويعها، وجعلها أقرب إلى ما يستأثر أكثر باهتمام المواطنات والمواطنين.
كل ذلك، تنضافُ إليه مساهمةُ الفريق في جلسات الأسئلة الشفوية ب 13 تعقيباً إضافيا (ليصل العدد التراكمي للتعقيبات الإضافة للفريق إلى 77 تعقيباً، كشكلٍ من أشكال التفاعل اللحظي في مساءلة الحكومة، لكن تمَّت ملاحظةُ أنَّ عدداً من وزرائها يفتقدون، للأسف، إلى القدرة على التجاوب الفوري والتلقائي مع القضايا المطروحة عليهم.
وإذا كان فريق التقدم والاشتراكية يتفهم أن محدودية الجواب على الأسئلة الشفوية يرتبط بإكراهات البرمجة والغلاف الزمني المخصص للجلسات الأسبوعية، فإنه بالمقابل يَعتبر أنَّ عدم الجواب على الأسئلة الكتابية، بشكلٍ كامل، يقتضي تذكير الحكومة بواجبها السياسي في التفاعل مع ما ينقله ممثلو الأمة من همومٍ وتطلعاتٍ للمواطنات والمواطنين، وكذا بواجبها الدستوري في تقديم الأجوبة على أسئلة البرلمانيات والبرلمانيين خلال العشرين يوماً الموالية لتاريخ إحالتها عليها.
وهنا تجدر الإشارةُ إلى التفاوت بين القطاعات الوزارية من حيثُ وتيرةُ وجودة الأجوبة ودِقَّتُها وجودتها وانسجامُـــها مع مضامين الأسئلة. حيث مطلوبٌ من عددٍ من أعضاء الحكومة الاجتهادُ أكثر في هذا الجانب الهام ذي الأبعاد الدستورية والسياسية والتواصلية.
من جهة أخرى، تقدم الفريقُ، في المُجمل، ب 7 طلبات للتحدث في مواضيع رأى أنها تكتسي طابعاً عاماًّ وطارئاً، طبقاً للنظام الداخلي لمجلس النواب، من قبيل: الانهيارات الصخرية على شبكة الطرق الوطنية؛ مدى جودة الخدمات وتوفر الوسائل في أقسام الإنعاش بمستشفيات بلادنا؛ غلاء الأسعار؛ غلاء الكُــــتب المدرسية؛ نقص بعض الأدوية في الصيدليات؛ أزمة كليات الطب والصيدلة؛ الاحتلال غير المشروع للشواطئ. لكن للأسف دون أن تتم الاستجابة لذلك، بما يثيرُ مرة أخرى الجدوى من هذه الآلية الرقابية الهامة إذا بقيت دون تفعيل حقيقي وناجع.
طلباتُ عقد اجتماعات اللجان الدائمة: 19 طلباً من الفريق ليصل العدد التراكمي إلى 172 طلباً
في إطار الدور الرقابي للجان النيابية الدائمة، لمساءلة الوزراء ومسؤولي المؤسسات العمومية، خلال الدورة البرلمانية المختتمة، بلغ عددُ الطلبات التي تقدم بها الفريقُ النيابي للتقدم والاشتراكية 19 طلباً، ليصل العدد التراكمي إلى 172 طلباً، لم تتم الاستجابة، للأسف، سوى إلى أقل من ثُلُها، حيث يُشار إلى أن هذه اللجان عموماً لم تعقد في هذه الدورة سوى 21 اجتماعًا درست خلالها 35 موضوعًا فقط، علما أن هناك تفاوتا صارخاً بين اللجان من حيث الدينامية الرقابية.
وقد شملت القضايا التي طلب الفريقُ عقدَ اجتماعاتِ في شأنها كافةَ الــــــمواضيع التي استأثرت باهتمام المواطنات والمواطنين، من قبيل: إحصائيات وأوضاع القطيع الوطني للماشية؛ أثر دعم استيراد اللحوم والماشية؛ دعم الفلاحين لمواجهة الجفاف؛ الدعم الاجتماعي المباشر؛ تحديات وصعوبات الدخول المدرسي والجامعي؛ تقييم قطب الإعلام السمعي البصري العمومي؛ برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي؛ الأراضي السلالية؛ الاستثمار؛ الوضع المائي ببلادنا؛ تفاعلات ومواقف بلادنا مع تطورات الأوضاع بفلسطين ولبنان؛ محاولات الهجرة الجماعية؛ والنتائج الرياضية في أولمبياد باريس.
ولئن كانت اجتماعات اللجان هي الفضاء الأنسب لمناقشة البرلمان والحكومة للقضايا الأساسية، بشكلٍ مستفيض وعميق، فإنَّ فريقُ التقدم والاشتراكية يُسجل، بهذا الصدد، تأخُّــــر برمجة انعقاد عدد من اللجان، بما يُفقِدُ راهنية واستعجالية مناقشة المواضيع المطروحة، وتَلَكُّؤ عدد من الوزراء في المثول أمام اللجان الدائمة، ولجوء عدد من اللجان إلى برمجة مواضيع كثيرة ولا صلة بينها، بما يُحَوِّلُ بعض اجتماعات اللجان إلى حِصصٍ للأسئلة عوض المناقشة العميقة. وهي المظاهر السلبية التي يعيد الفريق إثارة الانتباه إليها من أجل تجاوزها.
إسهامات وازنة للفريق في مبادرات المهام الاستطلاعية ومجموعات العمل الموضوعاتية وفي مناقشة تقارير مؤسسات دستورية.
خلال دورة أكتوبر 2024، بادر الفريق إلى تقديم طلب تشكيل مهمة استطلاعية حول موضوع “ظروف وسير عمليات إعادة الايواء والإعمار وتأهيل مناطق زلزال الحوز، وهو الطلب الذي انضاف إلى 13 طلباً سابقاً مماثلاً، خلال ما انصرم من الولاية التشريعية الحالية. وتندرج كل هذه الطلبات ضمن صميم الدور الرقابي لممثلات وممثلي الأمة، ويتعلق الأمر بقضايا هامة، من مثل: تدبير الصفقات في المكتب الوطني للمطارات؛ مراكز الاصطياف والتخييم؛ وضعية وظروف الإقامة بمراكز حماية الطفولة؛ تدبير الدقيق المدعم؛ حرائق الغابات؛ أداء الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية؛ مناطق الأنشطة الاقتصادية؛ أداء الوكالة الوطنية للمياه والغابات… إلخ.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ المهمة الاستطلاعية حول إشكالية مصب نهر أم الربيع، التي بادر إليها فريق التقدم والاشتراكية، وتمت مناقشةُ تقريرها في جلسة عامة، لا زالت تنتظر تفعيل الحكومة للتوصيات الهامة المنبثقة عنها. كما أن اللجنة الاستطلاعية المكلفة بمهمة حول شروط وظروف الإقامة بالأحياء الجامعية، وترأسها السيد رشيد حموني، رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، أنهت أشغالها وتنتظر عرض تقريرها على الجلسة العامة.
هذا، ويساهم الفريق في إنجاز مهام استطلاعة مُشَكَّلَة حول مواضيع أساسية، من قبيل: مساهمة برنامج فرصة في إنعاش عرض الشغل؛ وضعية الطب الشرعي؛ الشركة الوطنية للطرق السيارة؛ ومقالع الرمال والرخام.
أيضاً، يشتغل الفريقُ، من خلال عضويته الجادة والمسؤولة، في عددٍ من مجموعات العمل الموضوعاتية، حول مواضيع هامة، كالذكاء الاصطناعي، والانتقال الطاقي، والشؤون الإفريقية، والاستراتيجية الوطنية في مجال الرياضة، وبرامج محو الأمية، والمساواة والمناصفة.
وبهذا الصدد، يأسف الفريقُ إزاء التأخر الكبير فيما يتعلق بهيكلة المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر، ويدعو إلى الإسراع في توفير شروطِ إنجاز هذه المهمة التقييمية الهامة، لا سيما بالنظر إلى أزمة الجفاف ومحدودية أثر السياسة الفلاحية في معالجة إشكالات الأمن الغذائي وغلاء أسعار معظم المواد الغذائية.
وفضلاً عن ذلك، في مجال تقييم السياسات العمومية دائماً، تجدر الإشارة إلى أن فريق التقدم والاشتراكية بادر، في أوقات سابقة من هذه الولاية التشريعية، إلى تقديم طلباتٍ لتقييم السياسات في مجال النفقات الجبائية؛ وفي مجال الهجرة واللجوء؛ ولتقييم برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي. وكذا طلبات لتشكيل مجموعات عمل موضوعاتية حول الاستراتيجية السياحية الوطنية؛ والتعمير، كما سبق وأن اقترح إعداد تقارير حول نجاعة الإنفاق العمومي لكل من: الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الأمية؛ والخطة العمومية للمساواة والمناصفة. كما اقترح الفريقُ، إنجاز المراقبة المالية لعَشْرِ مؤسساتٍ ومقاولات عمومية، بالإضافة إلى مراقبة وتقييم برنامج انطلاقة، وبرنامج فرصة، وبرنامج أوراش.
وفضلاً عن كل ذلك، أسهم الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية في مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023 – 2024. كما أسهم الفريقُ في مناقشة كافة التقارير الموضوعاتية المحالة على اللجان والواردة من مؤسسات دستورية على مجلس النواب.
مواصلة الفريق لمبادراته وإسهاماته المسؤولة في مجال التشريع دون تجاوُبٍ حكومي كافٍ
خلال هذه الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة، تقدم الفريقُ بمقترح قانون يتعلق بتحديد السن القانوني الرقمي، من أجل توفير الحماية اللازمة للأطفال من الآثار السلبية للرقميات. وبذلك يصل العدد التراكمي لمقترحات قوانين فريق التقدم والاشتراكية إلى 27 مبادرة تشريعية، لم تتم دراسة والمصادقة سوى على اثنيْن منها، أي بنسبة تناهز 7%، بما يؤكد، مرة أخرى، الـــمـــُصادرة عملياًّ للمبادرة التشريعية من طرف الحكومة على حساب ممثلات وممثلي الأمة، رغم التحسُّن الطفيف على هذا المستوى، (تمَّ خلال هذه الدورة البتُّ في 42 نصًّا موزعة بين أربع 4 مقترحات قوانين فقط في قراءةٍ ثانية، و38 مشروع قانون أغلبها (28) عبارة عن مشاريع قوانين يوافَقُ بموجبها على اتفاقياتٍ تتعلق بالعلاقات الخارجية لبلادنا.
ولئن أكد الفريقُ على أنه يمارسُ معارضةً بنَّاءة ومسؤولة، من خلال تصويته بالإيجاب على عددٍ من مشاريع القوانين كمشروع القانون المتعلق بحماية التراث؛ فإنه تحمَّلَ مسؤوليته في التصويت بالرفض على مشروع قانون المالية برسم 2025، والذي تقدم في شأنه الفريقُ ب 56 تعديلاً جوهريا رفضتها الحكومة، رغم أنها تعديلاتٌ تصُبُّ كلها في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية والجبائية وتنويع وتعزيز مصادر التمويل العمومي ودعم القدرة الشرائية ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة.
كما عارض الفريقُ، رغم مساندته لمبدأ إخراج النص، صيغةَ مشروع القانون التنظيمي بشأن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بعد أن قدم في شأنه 49 تعديلاً، قُبِلَ بعضُها فعلاً، لكن دون أن يرقى حجمُ التفاعل الحكومي إلى درجة تحقيق تناغُـــــم هذا النص (المنتظَر منذ 62 سنة) مع توصياتِ المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
لتعزيز جودة التشريع: مبادرات الفريق لطلب آراء مؤسسات دستورية بخصوص نصوص تشريعية ذات طابع مجتمعي ومهيكِل
طبقاً لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب ذات الصلة، بادر الفريقُ النيابي لحزب التقدم والاشتراكية إلى طلب آراء مؤسسات دستورية ووطنية، فيما يرتبط بمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وكذا فيما يتصل بمشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.
وتعلق الأمر بالنسبة للنص الأول برأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. كما ارتبط الأمر بالنسبة للنص الثاني بآراء: المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ والهيئة الوطنية للنزهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛ وذلك بالإضافة أيضاً إلى اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وتُشكِّلُ هذه المبادرات، وما ينبثق عنا من آراء مؤسساتية عميقة، قيمةً مُضافةً حقيقية، ومرجعاً مهماًّ يُستنَدُ على عددٍ كبيرٍ من مضامينه الوجيهة من طرف كافة الأطراف، وخاصة من قِبَلِ نائبات ونواب الأمة، لتجويد نصوصٍ تشريعية تكتسي طابعاً مجتمعياًّ ومهيكِلاً.
الديموقراطية التشاركية لتعزيز القوة الترافعية والاقتراحية للفريق
بالموازاة مع كل ذلك، واصل فريقُ التقدم والاشتراكية مقاربته المرتكِزة على الديموقراطية التشاركية، عبر استقبال والإنصات لعشرات المواطنات والمواطنين يمثلون فئاتٍ أو هيئاتٍ مدنية مختلفة، ويحملون مطالب وقضايا غالبها اجتماعي أو حقوقي أواقتصادي.
كما نظَّـــــــمَ الفريقُ، خلال الدورة البرلمانية المختتمة، مائدة مستديرة حول مشروع قانون المالية لسنة 2025، واستقبل الفريقُ السيد وزير التشغيل حول موضوع القانون التنظيمي للإضراب، ووصل العدد التراكمي للأيام الدراسية وورشات العمل التي بادر إلى تنظيما الفريقُ 11 يوماً دراسيا، انفتاحاً منه على مختلف الكفاءات والطاقات، ومن أجل تعزيز القوة الاقتراحية الموضوعاتية للفريق.
أولويات وآفاق عمل الفريق فيما تبقى من الولاية التشريعية
ارتكازاً على حصيلته المشرِّفَة، وبروحٍ اقتراحية إيجابية، مسؤولة وبنَّاءة، سيُواصلُ فريقُ التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، خلال ما تبقى من السنة والولاية التشريعيتيْن، مجهوداته من أجل الدفاع، على سبيل الأولوية القصوى، عن قضية وحدتنا الترابية.
وسيسعى فريقُ التقدم والاشتراكية، في إطار الديبلوماسية البرلمانية، نحو تكثيف جهوده، لا سيما من خلال توظيف علاقاته مع برلمانيي الأحزاب الصديقة ببلدان أخرى، إسهاماً منه في الترافع عن المصالح العليا لبلادنا، وفي التعريف أكثر بمؤهلاتنا الوطنية في كل المجالات، وبمشروعية وعدالة قضيتنا الوطنية الأولى، لا سيما إزاء الأطراف الدولية القليلة التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، للعمل على إقناعها بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء، كما أكد على ذلك جلالةُ الملك في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
وسيستمر الفريقُ في مراقبة مدى تنفيذ البرنامج الحكومي على عِلَّاته، وفي التنبيه إلى اختلالاتِ تنزيل الحكومة لورش الحماية الاجتماعية، بما في ذلك اختلالات تعميم التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر؛ مع السعي نحو أنْ تتخذ الحكومة التدابير الملموسة وذات الأثر الإيجابي لمواجهة غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية؛ ولإقرار العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي. كما سيستمرُّ الفريقُ في الدفاع عن المستشفى العمومي وعن المدرسة العمومية وعن المرفق العمومي بصفة عامة.
وفي انتظار أن تُفصِح الحكومة عن تصورها لإصلاح أنظمة التقاعد، فإن الفريق على أتمِّ الاستعداد للترافع على ألاَّ يكون ذلك على حِساب الأجراء.
في نفس الوقت، فإن الفريق عازمٌ على مواصلة دفاعه عن حكامة وشفافية كافة أشكال الدعم العمومي؛ وعن ضرورة إقرار عدالة الاستثمار وتحسين مؤشرات مناخ الأعمال، في علاقة بأنظمةِ دعم المقاولات، ولا سيما منها الصغرى والصغرى جدا والمتوسطة؛ وكذا الترافع من أجل إدماج البُعد الإيكولوجي في كافة السياسات العمومية.
وعلى مستوى تقييم السياسات العمومية، سيسعى الفريقُ نحو اتخاذ مبادراتٍ جديدة، أو إعادة التأكيد على مبادراتٍ سابقةٍ له، في إطار النظام الداخلي، لكي يُنجز مجلسُ النواب، تقييمات لعددٍ من السياسات العمومية، من قبيل: سياسات التشغيل بارتباط مع أنظمة دعم الاستثمار الخصوصي؛ آثار الاستثمار العمومي ومدى نجاعته؛ السياسات المرتبطة بورش الحماية الاجتماعية؛ والسياسات الفلاحية؛ والسياسات المتصلة بالسيادة الوطنية في المجالات الاقتصادية؛ وتنفيذ برنامج تأهيل مناطق زلزال الحوز بارتباطٍ مع السياسات المرتبطة بالجبل؛ وتقييم الآثار الاقتصادية لمختلف أشكال الدعم العمومي؛ وغيرها من المواضيع والسياسات.
وارتباطاً بتقييم السياسات العمومية وبالمهام الاستطلاعية، فإن فريق التقدم والاشتراكية عازمٌ على اتخاذ ما يلزم من خطوات من أجل الإسهامِ في دفع الحكومة نحو التنفيذ الأمثل لمضامين التوصيات المتضمنة في مختلف التقارير الصادرة عن مجلس النواب.
وسيكرس الفريقُ جُــــهداً خاصاًّ لمواصلة الترافع البرلماني، بشكلٍ بناء واقتراحي، عن الأبعاد الحقوقية والمساواتية، وعن توسيع فضاء الديموقراطية والحريات، وعن الأبعاد الثقافية. ومن أبرز مواضيع ذلك: الاستحقاقات التشريعية المرتبطة بإصلاح مدونة الأسرة؛ وقانون المسطرة الجنائية؛ والقانون الجنائي، ومنظومة القوانين الانتخابية. حيثُ سيقوم الفريقُ بواجبه في الدفاع عن المنطق الديموقراطي والتحديثي والمساواتي والتقدمي، على كل هذه المستويات.
14 فبراير 2025