الرفيق حسن السلاهمي : إن عدد الجرافات أصبح أكثر من البشر في غياب تام للمنتخبين

حوار مع جريدة الصباح

عبر حسن سلاهمي، عضو مجلس مقاطعة الحي الحسني باسم التقدم والاشتراكية، عن امتعاضه من تراجع السلطة المنتخبة وتخليها عن أدوارها ووظائفها المنصوص عليها في الدستور والقانون التنظيمي، مؤكدا أن هذا الانسحاب فسح المجال لوابل من الغموض حول الجهة التي تنفذ قرارات متعلقة بالهدم وتحرير الملك العمومي وإفراغ دواوير السكن الصفيحي.
وقال سلاهمي، في حوار مع “الصباح”، إن حصيلة مجلس المقاطعة صفر مربع على جميع المستويات، مؤكدا أن المنطقة تخضع لمنطق “التفرقيش”، وهو أعلى درجات الفساد.
في ما يلي نص الحوار:
أجرى الحوار: يوسف الساكت/ وتصوير (أحمد جرفي)

تستعدون لدورة عادية لمجلس مقاطعة الحي الحسني في الأسبوع الثاني من يونيو الجاري. ما الجديد؟

> لا جديد تحت شمس هذه المقاطعة التي تفاجئنا، كل يوم، بمزيد من النكبات والكوارث على جميع المستويات، آخرها مشاهد الهدم وأصوات الجرافات و”الطراكسات” التي تحتل كل شبر في المنطقة، بشكل يطرح عددا من الأسئلة، حتى أصبح الناس يقولون، نكاية، إن “الطراكس” هي الرئيسة الفعلية للمقاطعة.
فهذه الدورة، هي كباقي الدورات السابقة (وربما اللاحقة)، يجري الإعداد لها بالطريقة نفسها التي تفتقد للحس الاحترافي والسياسي، وحتى الأخلاقي بمفهوم الالتزام مع أعضاء المجلس ومع المواطنين والمجتمع المدني وباقي الشركاء الآخرين.
وكما قلت، إن الدورة الحالية لا تحمل أي جديد، وجاءت غارقة بملتمسات مرفوعة إلى الجماعة من أجل تفعيلها وإدراجها في دورات عادية أو استثنائية من أجل الدراسة والمصادقة، وهي عملية سيزيفية، لا أمل يرجى من ورائها، ونحن نراجع مصير الملتمسات السابقة التي تحولت إلى حبر على ورق ووضعت في الرفوف.
والأنكى من ذلك، أن المكتب المسير للمقاطعة، المكون من الأحزاب نفسها المشكلة للتحالف الحزبي، يلتزم الصمت والخنوع أمام سلوك الجماعة التي لا تكتفي بوضع ملتمساته في الثلاجة، بل تحقرها، وتصدر مقررات مخالفة لها، كما هو الشأن مثلا بالنسبة إلى ملتمس فتح المشاورات بخصوص مقهى تافوكت بحديقة أفغانستان الذي صدر عن المجلس في إحدى دوراته، ثم جاء قرار جديد قضى بهدم المقهى كليا، وتشريد عشرات المستخدمين، والتسبب في أزمات لصاحبه.

أنت رجل متشائم، كيف لا ترى في جدول أعمال دورة سوى السلبيات، علما أن مقاطعات أخرى ستعقد دورتها بنقطة واحدة هي التحويلات المالية؟

> هذا واقع يومي معاش، ولا علاقة له بأي شكل من أشكال السوداوية والتشاؤم، ودليلي على ذلك أن أعضاء المكتب المسير وباقي مكونات الأغلبية غير مقتنعين بجدول الأعمال الذي اقترحوه للنقاش.

كيف ذلك؟

> تخيل، أننا توصلنا بجدول أعمال هذه الدورة بعد غياب طال ستة أشهر، دون أن نتمكن، باعتبارنا مكونات للمجلس، من عقد اجتماعات للجان الدائمة، باعتبارها هيآت منصوصا عليها في القوانين المنظمة، مهمتها التداول والنقاش والاقتراح والتعديل والتفاعل.
لقد فشلت الأغلبية، مرة أخرى، في تحقيق النصاب القانوني للجان الدائمة، إذ لم يحضر في اللجان الثقافية والمالية والاقتصادية إلا عدد قليل من الأعضاء، ولم يسمح حتى بالمرور إلى الصيغة البديلة، أي أن تكون الجلسة صحيحة بعد مرور نصف ساعة، كما هو منصوص عليه في القانون الداخلي، إذ ينص الفصل 57 على وجوب حضور ثلث الأعضاء من حاملي الصفة.

بمعنى حتى الأعضاء الدائمون للجان لا يحضرون…

> طبعا، لأن الأغلبية فشلت في تحقيق النصاب القانوني حتى بتطبيق هذا الفصل اللين، ويواظب الأعضاء على الغياب، ويتعاملون باستهتار مع أشغال اللجان وأدوارها.
وحتى إذا تجاوزنا، هذا العائق الشكلي، وانتقلنا إلى المضمون، فإن المكتب المسير لا يكلف نفسه عناء إعداد الوثائق والملفات الخاصة بالنقاط المقترحة في جدول الأعمال.
فحين يقترح المكتب المسير نقطة تتعلق برفع ملتمس إلى الجماعة يهم الأسواق والباعة والمتجولين، عليه أن يمد أعضاء اللجان تجميع الوثائق والتصورات ومشاريع الأفكار، الأمر لا يتم، إذ نتوصل بورقة يتيمة لا تغني ولا تسمن من جوع، ومطلوب منا أن نناقش أشياء لا علم لنا بها، ودون أن نعرف أي تفاصيل عنها.

كفاءات وهمية!

أنت بهذه الطريقة، تنسف عمل ومجهودات مكتب مسير يضم عددا من الكفاءات..

> دعني أقول لك إن المكتب الحالي يضم برلمانيين اثنين، واحد من الأصالة والمعاصرة والآخر من حزب الاستقلال، وأشخاصا آخرين بشهادات عليا ويسمون أنفسهم كفاءات، وهم عاجزون عن الدفاع عن مقترحاتهم، أو إعداد وثائق ومقترحات ومشاريع يقنعون بها أعضاء المجلس.
فحين تقترح مشروعا لبناء سوق، ينبغي عليك إعداد عدد من الوثائق الأساسية، منها تصميم التهيئة في الجزء الذي يسمح بهذا النوع من المشاريع، وتصميم هندسي وطوبوغرافي، ونوعية العقار ووضعيته، وتصور أولي، أما حين تدخل للاجتماع بورقة بيضاء، وتعرضها على الأعضاء، فهذا اسمه انعدام المسؤولية وسبة في حق مكونات المكتب المسير وعجزها عن اقتراح مشاريع وبرامج تتصدى لانتظارات وأولويات السكان.
اليوم، نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن نكون منتخبين مسؤولين أمام المواطنين الذين صوتوا لفائدتنا، أو نكون أطفالا قاصرين في يد السلطة.

حصيلة المجلس ورقية

هذا الكلام، لا يصمد أمام الحصيلة المميزة التي دافع عنها المكتب في عدد من المناسبات والتصريحات الصحافية..

> هذه حصيلة ورقية لا علاقة لها بالواقع، فحين يتبجحون بالطريق “أش أش 26″، فهذا مشروع لم ينته بعد، ويمكنكم أن تتأكدوا من ذلك بزيارة خاطفة للمكان.
يتحدثون، أيضا، عن المكتبة الوسائطية المتوقفة، وقد عجزت الأغلبية عن استكمال التجهيزات والمعدات.
ماذا هناك أيضا؟ المرافق الاجتماعية الموزعة على بعض الجهات، فهي متوقفة، كما هو الحال بالنسبة إلى عدد من المشاريع الاجتماعية الأخرى التي توقفت في منتصف الطريق.
إن الناس قد يكذبون على الأموات وليس الأحياء، ونحن أحياء من حسن الحظ ونعيش في المنطقة، ونعرف ما أنجز وما لم ينجز، والدليل على ذلك أن الصفحة الخاصة بالأغلبية في “فيسبوك” لا تستعرض أي مشروع نوعي لفائدة السكان، ماعدا بعض الأنشطة الثقافية الترفيهية التي ينتهي مفعولها بمجرد خروج المتفرجين من القاعة.
بل هناك ما هو أكثر من ذلك، هو استغلال مشاريع مدرجة في إطار برنامج عمل الجماعة وممولة من قبلها (أشغال، تهيئة، مساحة خضراء)، لغاية شخصية وانتخابية وحزبية، ما يعكس غياب روح القانون وأيضا الرقابة على ممارسات تدخل في إطار تضارب المصالح (المادة 65).

المقاطعة، وفي حدود علمنا، تشتغل على الأهم، أي التسوية العقارية لعدد من الأراضي، باعتبارها من الملفات التي عمرت طويلا…

> حتى هذا المشروع، الذي تحول إلى لازمة وشعار، فشلوا فيه، بدليل أن سكان ليساسفة وأحياء الوفاق وجورج وبلوك المعلم عبد الله، لازالوا ينتظرون تحقيق هذا الحلم المؤجل.
وأكاد أجزم أن ملف التسوية العقارية، بما فيه أرض السلاوي، لم ينجز منه حتى 0.99 في المائة، وأتحدى أيا كان أن يقول العكس.
الأمر نفسه بالنسبة إلى الأسواق البلدية التي تتجرع مرارة أكذوبة الإصلاح التي تحولت إلى بطيخ و”دلاح”.

كيف يستقيم هذا التوصيف مع مقاطعة تشهد زيارات متتالية للعمدة والوالي للإشراف على عدد من المشاريع؟

> لنأخذ مثالا من هذه المشاريع: إعادة إصلاح وتهيئة شارع أفغانستان.
فهذا المشروع، الذي تم الترويج له على نطاق واسع كأنه فتح مبين، لا يعدو إنجازا متواضعا من الناحية الجمالية على الأقل.

لاحظ بأنك تتحدث عن مشروع مهيكل كلف الملايين…

> أجل، لكن الإخراج النهائي لم يكن في مستوى تطلعات السكان الذين فوجئوا بمشاهد من الزفت الأسود، عوض تجهيزات وأثاث حضري وممرات للراجلين وإنارة عمومية، وفق رؤية جمالية معينة.

“التفرقيش” في التفويضات

هل يمكن القول إن السلطة المنتخبة قدمت استقالتها، وتركت مكانها كليا للسلطة المعينة؟

> هذا واقع يرى بالعين المجردة، رغم إقرارنا بالدور المناط بسلطة الوصاية والرقابة وأهميته في تدبير الشأن المحلي، لكن في إطار التوازن البناء، كما ينص على ذلك الباب 9 من الدستور.
فالفصل 145 من هذا الباب، واضح في تحديد الاختصاصات وفصل السلط وأن الولاة والعمال هم الذين يساعدون المنتخبين في أداء مهامهم، وليس العكس كما نراه اليوم.

لكن، لماذا مقاطعة الحي الحسني التي ينطبق عليها هذا الاستثناء، عكس المقاطعات الأخرى؟

> السبب واضح: ضعف الأحزاب المسيرة للمجلس، لأن هذه الأحزاب التي رفعت شعارات الكفاءة والبرنامج والشباب وربط العمل بالنتائج، هي نفسها التي سقطت في ورطة “التفرقيش” في كل قطاعات الرياضة والثقافة والأشغال والتعمير، الذي أدى ثمنه موظف على مشارف التقاعد.

ماذا تعني بـ “التفرقيش”؟

> إنه أعلى درجات الفساد.

هذا كلام خطير…

> بالعكس، هناك تقارير رسمية تتحدث عما يجري في ملاعب القرب التابعة للمقاطعة، وعددها 12 ملعبا.

مثلا؟

> التقرير الصادر عن رئيس دائرة الألفة خلص إلى أن بعض الملاعب “مبيوعة” لجمعيات، وأخذت المقاطعة علما بذلك، دون أن تتحرك في أي اتجاه لتصحيح الوضعية.
لقد تفاقم الوضع بملاعب القرب في السنوات الأخيرة على نحو مخيف جدا، أصبحنا أمام حالة من التغول والاحتلال والسطو لم يسبق لها مثيل.

مازالت تداعيات انتخاب النائب السادس تلقي بظلالها على المقاطعة، لكن ذلك لا يمنع من القول إن الشخص المنتخب له إضافته في الأشهر الماضية؟

> أتفق معك، كانت له إضافة واضحة في إعلاء جبال الركام الناتجة عن الهدم.
في عهد هذا النائب، المفوض له في الشؤون الاقتصادية، شنت السلطات العمومية أكبر عملية هدم للأسواق، التي مازالت مستمرة إلى اليوم، والدور الآن على سوق “موينة”.

غياب البعد الاجتماعي

ما علاقة نائب رئيس بتحرير الملك العمومي وهدم أسواق اللذين يظلان من اختصاص السلطة؟

> لأن تدبير الأسواق والفضاءات التجارية من اختصاص الجماعة، التي تمارسه من خلال الرؤساء المفوض لهم. والنائب السادس مفوض له في المجال نفسه، وكان يمكن أن يقوم بعدد من الأدوار كتأجيل الهدم إلى حين تسوية المشاكل، التي يمكن أن تترتب عنه، كما يقع اليوم.
هذا المسؤول، الذي هو برلماني، قدم وعودا للتجار في عدد من الأسواق، وتحدث عن حماية حقوق وإعادة إصلاح، قبل أن يفاجؤوا بالجرافات تسوي محلاتهم بالأرض.
نحن لسنا ضد قرارات الهدم، المستندة إلى اعتبارات موضوعية ومقنعة، لكن ينبغي أن يتم ذلك وفق مقاربة شاملة تستحضر البعد الاجتماعي، وهو أمر ينطبق، أيضا، على الباعة الجائلين في إطار تحرير الملك العمومي.
نحن نتحدث، اليوم، عن أرقام مخيفة للباعة والتجار والمهنيين، الذين يجدون أنفسهم خارج النسيج الاقتصادي المحلي وعرضة للتشرد والفقر، الأمر الذي يفاقم البطالة، وما لها من تداعيات على المستوى الاجتماعي والأمني بالمنطقة.

في سطور
– من مواليد البيضاء في 10 أكتوبر 1972
– عضو مجلس المقاطعة باسم التقدم والاشتراكية
– متزوج وأب لأربعة أبناء
– خريج معهد الدراسات البحرية
– إطار سابق بالشركة المغربية للملاحة، “كوماناف”
– نقابي سابق في الاتحاد المغربي للشغل
– عضو المكتب النقابي لبحارة “كوماناف»
– عضو المكتبين الإقليمي والجهوي واللجنة المركزية للتقدم والاشتراكية
– نائب القائد العام للمنظمة الكشفية، أشبال المغرب
– فاعل جمعوي