يوسف الكواري: مشروع قانون التعليم العالي يفتقد للحمولة الإصلاحية ويمس بجوهر الجامعة العمومية

في تصريح لـ2m.ma

دخل الأساتذة الباحثون في مختلف الجامعات المغربية، ابتداء من يوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، في إضراب وطني لمدة 48 ساعة، استجابة لدعوة النقابة الوطنية للتعليم العالي، وذلك احتجاجاً على ما وصفته النقابة بـ”المماطلة الحكومية” في تنفيذ الاتفاقات السابقة، وفي مقدمتها اتفاق 20 أكتوبر 2022، إلى جانب تمرير مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي دون إشراك فعلي للشركاء النقابيين.

ويأتي هذا الإضراب، الذي يتواصل إلى يوم الأربعاء 8 أكتوبر، في سياق تصاعد التوتر بين النقابة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بعد سلسلة من الأشكال الاحتجاجية التي شملت إضراباً إنذارياً يوم 17 شتنبر، وإضراباً وطنياً أيام 30 شتنبر و1 و2 أكتوبر، للتعبير عن رفض ما اعتبرته النقابة “تنصلاً حكومياً من الالتزامات وضرباً لمبدأ التشاركية”.

وفي هذا السياق، أكد يوسف الكواري، منسق قطاع التعليم العالي بحزب التقدم والاشتراكية ونائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، أن الإضراب الوطني الذي يخوضه الأساتذة الباحثون يأتي في سياق تنفيذ الخطة النضالية التي أقرها المكتب الوطني بناءً على قرارات اللجنة الإدارية بتاريخ 14 شتنبر.

وأوضح الكواري في تصريحات لموقع القناة الثانية، أن هذا الإضراب سبقه إضراب إنذاري يوم 17 شتنبر، احتجاجاً على ما وصفه بـ”تنصل الوزارة الوصية من التزاماتها السابقة”، وضرب مبدأ التشاركية والتراجع عن اتفاق 20 أكتوبر الذي كان قد جمع النقابة بالحكومة.

وقال إن الأمر تجسد بشكل واضح في إصدار دفتر الضوابط البيداغوجية لسلكي الإجازة والماستر في الجريدة الرسمية، دون استشارة الهياكل الجامعية المعنية، إلى جانب مصادقة الحكومة على مشروع القانون رقم 59.24 الخاص بالتعليم العالي في غياب أي حوار مع النقابة.

وشدد المسؤول النقابي على أن غياب الالتزام الحكومي طال أيضاً عدداً من الملفات الفئوية، من بينها التسوية النهائية لملف الدكتوراه الفرنسية، والترقية في الدرجة لسنة 2023، والإسراع بملفات 2024 و2025، فضلاً عن فتح حوار جاد بخصوص احتساب الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية، وتعميم تسع سنوات من الأقدمية الاعتبارية أسوة بزملاء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان.

كما توقف المتحدث عند ملفات أخرى منها مراجعة جدول الأرقام الاستدلالية، وإعفاء تعويضات البحث العلمي من الضريبة، وتخفيض سنوات الترقية.

وبخصوص مشروع القانون 59.24، أكد الكواري أن النقابة الوطنية للتعليم العالي تعتبره مشروعاً “فاقداً للمصداقية” بعد إحالته على مجلس النواب، معتبراً أنه “لا يرقى إلى مستوى الإصلاح الحقيقي المنشود لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، ولا يتضمن أي حمولة إصلاحية قادرة على إحداث التحولات المطلوبة”.

وأضاف أن المشروع يعكس “غياب الإرادة السياسية الكفيلة بتمكين التعليم العالي العمومي، والجامعة العمومية على وجه الخصوص، من استقلالية فعلية بيداغوجياً وإدارياً ومالياً، ومن ضمان مجانية المرفق العمومي”، وهو ما يفرغ النص من جوهره الإصلاحي.

كما أبرز أن الصياغة المقترحة في باب التمويل “تفتح الباب أمام منطق الخوصصة والمس بمجانية التعليم، وتعرض الجامعة المغربية لمنطق السوق والتجارة، بدل منطق الخدمة العمومية”، محذراً من أن ذلك سيُرهن الجامعة العمومية لعقدين مقبلين على الأقل.

وفي ما يتعلق بوضعية الأساتذة الباحثين، شدد الكواري على أن هذا المشروع “لا يتضمن أي مكاسب للأساتذة”، مشيراً إلى أن تمثيليتهم في مجالس المؤسسات والجامعات تم تقليصها مقارنة بما كان منصوصاً عليه في القانون السابق، وهو ما اعتبره تراجعاً خطيراً في مكانتهم ودورهم داخل المنظومة الجامعية.

وعن موقف النقابة، أكد الكواري أن المكتب الوطني دعا إلى تشكيل جبهة وطنية للدفاع عن الجامعة العمومية باعتبارها رافعة أساسية للتنمية الوطنية، مشدداً على ضرورة تعزيز مكانة الجامعة المغربية وحمايتها من أي محاولات لإضعافها أو المساس برسالتها.

وفي ختام تصريحاته، ربط الكواري بين مطالب النقابة وبين ما عبرت عنه الاحتجاجات الشبابية الأخيرة، قائلاً: “من بين المطالب البارزة التي رفعها الشباب المغربي في الشارع مطلب التعليم، وهذا يضع على عاتق الحكومة مسؤولية تاريخية”، مضيفاً أن على الحكومة أن “تستخلص الدرس وتبادر إلى سحب مشروع القانون من البرلمان وإعادته إلى طاولة الحوار مع النقابة”، لإثبات حسن نيتها في أنها حكومة تصغي لنبض الشارع وتستجيب لمطالب الجامعة العمومية.