بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025

عقد المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه الدوري، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، حيثُ تدارَس عدداً من القضايا السياسية الوطنية والدولية.

مقاربة الحزب لتطورات الأوضاع الراهنة على الصعيد الوطني

في هذا الاجتماع، أكَّـــــدَ المكتبُ السياسي على جميع مضامين البلاغ الخاص الذي أصدَرَهُ عَقِبَ الخطابِ الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.

وفي سياق هذا الخطاب الملكي، بما حمَلَهُ من تأكيدٍ على المكتسباتِ والتراكماتِ الإيجابية للمسار التنموي الوطني، ومِنْ وُقوفٍ على النقائص والسلبيات التي يتعينُ التغلب عليها، يؤكد المكتبُ السياسي على أن حزبَ التقدم والاشتراكية ما فتئ، على مدى أربع سنواتٍ، يُــــــــــــنَبِّهُ الحكومةَ إلى الاختلالات التي تَشوبُ أداءها كَمَا خِـــــطابـــَها، ويَدعوها إلى تغيير توجُّهاتها ومقارباتها، لكن دون أيِّ تفاعُلٍ يُذكَر منها.

على هذا الأساس، ونحنُ في آخر سنةٍ من الولاية الحكومية الجارية، مع ما يُسجَّلُ من استمرارٍ للاحتقان الاجتماعي وللاحتجاجات السلمية، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية يُتابِعُ، باهتمامٍ كبير، إنْ كانت الحكومةُ، من خلال آخِرِ قانونِ ماليةٍ مرتَقَبٍ لها، سوف تعمل فعلاً على تغيير المقاربات والتوجُّهات في اتجاه التجاوب الفعلي والملموس مع المطالب المشروعة المعبَّر عنها شعبيا وشبابيًّا، ومع التحديات المطروحة اجتماعيًّا ومجاليًّا، أساساً منها ذات الصلة بالأسئلة الإصلاحية الحارقة، وفي مقدمتها التشغيل والتعليم والصحة والإنصاف المجالي، وتلك المرتبطة بالحكامة الديمقراطية الجيدة ومكافحة الفساد.

في الوقت نفسه، يَعتبِرُ حزبُ التقدم والاشتراكية أن هذه الحكومة، التي فشلت، بشكلٍ ذريعٍ، على مدى أربع سنواتٍ، في واجهاتٍ شتَّى، اقتصاديا واجتماعيا كما في مجاليْ الديمقراطية والحكامة، تفتقِدُ في عُمقها وطبيعتها ومسارها إلى المقوِّمات الأساس التي تجعلها، في آخر أنفاسِها، قادرةً على مواجهة التحديات ومعالجة الإشكالاتٍ. وعلى هذه الحكومةُ تَحمُّلُ مسؤوليةِ سياساتها وتوجهاتها الفاشلة، وتَبِعاتِ إنكارِهَا لصعوبات الواقع المعيشي للمغاربة، وسُـــقُــــوطِها الــــمُــــــدَوِّي في تضارُب المصالح، وإصرارها على خدمة مصالح فئات وشبكات أوليغارشية، واعتمادِهَا خطاباً متعاليًّا ومستفزًّا للمجتمع.

بناءً على ذلك، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية، مرة أخرى، على أنه لا خيار أمام بلادِنا، لمواجهة التحديات وتجاوُز السلبيات، سوى إعطاءُ نَفَسٍ قوي لمسار الإصلاح، بغاية الاستجابة إلى تطلعات المغاربة، وبهدف استعادة ثقة الشباب ومُصالحتهم مع الفضاء السياسي والمؤسساتي الواجب تنقيتُـــــهُ من كل الممارسات الفاسدة. كما يؤكد الحزبُ على أن المداخل الأساس نحو ذلك هي التفعيلُ الأمثل للدستور؛ وتوطيدُ الخيار الديمقراطي؛ وإحداثُ انفراجٍ سياسي وحقوقي؛ واعتمادُ سياسة اقتصادية تتأسس على الدور التنموي للدولة وعلى دعم المقاولة الوطنية لخلق الثروات ومناصب الشغل؛ وإعمالُ حكامةٍ ديمقراطية جيدة تقوم على تنقية مناخ الأعمال وإعمال دولة الحق والقانون ومكافحة الفساد؛ وإقرارُ سياساتٍ اجتماعية تنبني على إصلاحٍ حقيقي للخدمات العمومية الأساسية وضمان الحق الفعلي في الولوج إليها، ولا سيما بالنسبة للصحة والتعليم.

من جانبٍ متصل، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية، أيضاً، على أنه حريصٌ، كما دأب على ذلك دوماً، ودونما اكتراثٍ بما يتعرضُ له من تهجماتٍ صبيانية بئيسة وهامشية، على ممارسة أدواره، من موقع المعارضة الوطنية البناءة، القوية والمسؤولة، ومنها تتبع ومراقبة العمل الحكومي، من خلال ما سيُبادِرُ إليه من خطواتٍ ومبادراتٍ سياسية، عبر قيادته الوطنية وفريقه النيابي، خاصة إزاء مكونات المعارضة واليسار، وذلك تَبعاً لِـــــمَا ستقوم به الحكومةُ من إجراءات وما ستتخذه من قرارات، لا سيما بمناسبة طرحها لمشروع قانون مالية 2026.

في الوقت نفسه، يُوجِّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية نداءً إلى كافة مكونات المجتمع وفعالياته وقواه الحية، من أجل تعبئة الطاقات وتوحيد الجهود وتنسيقها، بغاية دفع هذه الحكومة نحو استثمار ما تبقى من عمرها في التجاوُبِ الفعلي والملموس مع انتظارات المغاربة، وفي التفاعل الإيجابي مع المطالب المعبَّر عنها بالاحتجاجات السلمية والحضارية الراقية.

وفي نفس الإطار، يُوجِّهُ المكتبُ السياسي نداءً إلى كافة مناضلات ومناضلي الحزب، عبر جميع ربوع الوطن، من أجل رفع مستوى التعبئة، والقيام بكل ما يلزم من أجل تشجيع وتوسيع الانخراطات المتزايدة للشباب في صفوف الحزب، والتفاعل مع عموم المواطنات والمواطنين، والإسهام الوازن في تأطيرهم والتواصل معهم، وبذل كل المساعي والجهود للإقناع بجدوى الانخراط في العمل السياسي والمؤسساتي المنظَّم والمسؤول.

تأكيد لمواقف الحزب إزاء تطورات الأوضاع في فلسطين

فيما يتعلق بالأوضاع بفلسطين، أعرب المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن ترحيبه بوقف حرب الإبادة الجماعية، الشنيعة وغير المسبوقة، التي استمر في اقترافها الكيانُ الصهيوني على مدى سنتيْن كاملتيْن، بما أفضى إلى تدميرٍ كامل لقطاع غزة، مع تجويع وتشريد كل أهلها؛ وإلى عددٍ هائل من الشهداء والجرحى، أغلبهم نساء وأطفال وشيوخ ومدنيون، ومن بينهم صحفيون وأطقم طبية وإنسانية.

ويتطلع حزبُ التقدم والاشتراكية إلى أن يُسفر الإعلانُ عن وقف العدوان الصهيوني، الغاشم والإجرامي، فعلاً وفوراً وبشكلٍ دائم، عن وضع حدٍّ نهائي لنزيف ومحنة الشعب الفلسطيني التي فاقت كل حدود الوصف، مع ما يستلزمه ذلك من جديةٍ وإصرارٍ للمجتمع الدولي في مراقبة مدى التزام الكيان الصهيوني بكل بنود ومراحل الاتفاق الذي شرع فعلاً في خرقه، على عادته مع كل الاتفاقات والالتزامات والقواعد الدولية.

إن حزبَ التقدم والاشتراكية، الذي يُندِّدُ أيضاً بالاعتداءات المتواصلة للكيان الصهيوني على الضفة الغربية والقدس، ليؤكد أن صمود الشعب الفلسطيني، وتشبثه بأرضه وحقوقه، هو الصخرة التي تحطمت عليها الأطماع الصهيونية التوسعية، كما تحطَّمَ عليها المخططُ الإمبريالي-الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية والتهجير القسري للشعب الفلسطيني. والأكثر من ذلك أن حرب الإبادة الجماعية على غزة بقدر ما كشفت للعالم، وتحديداً للأجيال الحالية، الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني، بقدر ما أعادت التوهج العالمي للتضامن، الرسمي والشعبي، مع القضية الفلسطينية العادلة.

في هذا السياق، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية أن إحلال السلام العادل والشامل والدائم، بالشرق الأوسط، هو أمرٌ ممكن، إذا ما تمَّ فعلاً تمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه الوطنية المشروعة، وفي طليعتها حقه في تدبير شؤونه وتقرير مصيره بنفسه، وحقه في بناء دولته الحرة والمستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس.

إلى ذلك، يُجدِّدُ حزبُ التقدم والاشتراكية نداءه إلى جميع القوى الفلسطينية الحية، من أجل الحرص على وحدة وتماسُك الصف الفلسطيني، وتفادي الخلافات الداخلية العقيمة، وتوحيد جهود النضال. كما يؤكد الحزبُ على أنه سيظل، كما كان دائماً، مناصراً ومسانداً للقضية الفلسطينية العادلة، ولكفاح الشعب الفلسطيني الصامد، حتى ينال كافة حقوقه الوطنية المشروعة.

 

وحُرر بالرباط، في 15 أكتوبر2025.