بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025

عقد المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه الأسبوعي، يوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025، حيث تداول في عددٍ من القضايا السياسية على الصعيديْن الوطني والدولي، فضلاً عن المواضيع المرتبطة بالحياة الداخلية للحزب.

مشروع القانون المالي: إعلانات كثيرة مع الإبقاء على نفس المقاربات التي أفضت إلى الفشل الذريع للحكومة

في مستهل هذا الاجتماع، وعلى ضوءِ عرضٍ مفصَّلٍ، تداول المكتبُ السياسي في مشروع قانون مالية 2026. وخَلُصَ إلى أنَّ هذا الأخير، وإنْ كان يتضمن بِــــضْـــعَ إيجابياتٍ، إلاَّ أنه، على العموم، جاء بنفس الــــمُقاربات الحكومية المعتادة التي عجزت عن تحقيق الأثر الاجتماعي والاقتصادي والمجالي على مدى أربع سنوات، والتي أفضت إلى فشل الحكومة في تحقيق التزاماتها. كما أكد المكتبُ السياسي على أن تدابير مشروع الميزانية تتسم بكثيرٍ من الإعلانات، دون أن تعكسَ كما يجب عناوينَ التوجهاتِ العامة، ودون أن تستجيب للانتظارات ولمتطلبَّات الإصلاح.

هكذا، توقف المكتبُ السياسي عند البُعد الاقتصادي في مشروع القانون المالي، وتأكَّد له أن هذا الأخير لا يحمل جديدًا يُذكَر من شأنه أن يكون له الأثر المنشود، لا من حيثُ تقوية الآلة الإنتاجية الوطنية، ولا على مستوى دعم المقاولة الوطنية وتحفيز الاستثمار المنتج للشغل وللقيمة المضافة المالية، ولا من حيثُ تحقيق السيادة الاقتصادية، ولا من حيثُ ضماناتُ مردوديةِ ونجاعةِ وعدالةِ التنفيذ الأمثل لميزانية الاستثمار العمومي، بالرغم مما عرفه هذا الأخير من رفعٍ في الاعتمادات.

كما توقف المكتبُ السياسي عند مؤشرات المالية العمومية، على ضوء مستلزمات استدامة توازنها، وخَلُص إلى أنَّ تحسُّن المداخيل الضريبية لا يمكنه أن يُخفيَ استمرار العبء الضريبي على الأجور والمقاولات الصغرى والمتوسطة، مع غياب إجراءاتٍ حقيقية لحذف الاستثناءات الضريبية غير الــــمُــجدية، ولإدماج الاقتصاد غير المهيكل، ولمحاربة اقتصاد الظل. كما يُنَبِّهُ الحزبُ إلى تعمُّق مخاطر المديونية، بما فيها مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية المحتاجة إلى تسريع إصلاحها في اتجاه ضمان حكامتها الديمقراطية. وخلُصَ، كذلك، إلى مخاطر وهشاشة الاعتماد على “التمويلات المبتكرة” لتمويل نفقات دائمة ولتحسين الحسابات العامة بشكلٍ ظرفي وبصورةٍ تهدد المرفق العمومي.

وفيما يتعلق بالمسألة الاجتماعية، سجَّل المكتبُ السياسي إيجاباً الرفعَ من بعض الميزانيات القطاعية الأساسية. وفي الوقتِ ذاته، سجَّل استمرار نفس العطب الكبير لهذه الحكومة، والمتمثل في فشلها الذريع في مسألة التشغيل. كما يؤكد على أنَّ الإعلانَ عن أغلفةٍ مالية ضخمة، على أهميته البالغة، إلَّا أنه لا يمكنه أنْ يَـــــحجُـــبَ إبقاءَ الحكومة على كل مقارباتها السابقة، التي أدت في عهدها إلى تَعمُّق الفقر والهشاشة وتدهور القدرة الشرائية، وإلى الفشل البيِّــــن في تحقيق وعودها بإصلاح التعليم، وبالتعميم الفعلي للحماية الاجتماعية.

أما في مسألة تدابير الإنصاف المجالي، فإن حزب التقدم والاشتراكية يؤكد على أن مشروع القانون المالي جاءَ مُــــخَــــيِّباً للآمال، لا من حيث التوزيع الترابي للاستثمارات العمومية، ولا من حيثُ هزالةُ الاعتمادات المالية المخصصة لبرامج التنمية الترابية المندمجة، ولا من حيثُ العدد الضئيل للمراكز الصاعدة التي تعتزم الحكومة التدخل فيها برسم 2026، ولا أيضاً على مستوى تدابير النهوض الفعلي بالجهوية المتقدمة وباللامركزية واللاتمركز.

وإذ يسجل المكتبُ السياسي الغياب التام لإرادة تحسين الحكامة ولِــــــبُعد دمقرطة الفعل السياسي في مشروع القانون المالي، فإنه يؤكد على أن هذا الأخير جاء مُفتَقِراً لأيِّ تدابير من شأنها مكافحةُ الفساد، بما يعني أن الحكومة، في آخر أنفاسها، مُصِرَّةٌ على الاستمرار في نفس نهجها السابق والمعتاد، المتسِم بغياب الإرادة في تنقية مناخ الأعمال ومحاربة تضارب المصالح، وبخدمةِ مصالح فئاتٍ ولوبياتٍ أوليغارشية على حساب مصلحة عموم المغاربة. كما أن هذا المشروع يفتقد لأيِّ إجراءٍ يساهمُ في ضخِّ نَفَسٍ ديمقراطي جديد في الفضاء العام، حيثُ يتجاهلُ تمامًا الحديثَ عن البُـــــعد الحقوقي وعن مجال الحريات، وعن أيِّ حرصٍ سياسي على البلورة الفعلية لمضامين الدستور، بما يؤكد غياب أيِّ عُـــمق سياسي ديمقراطي لهذه الحكومة.

على هذه الأُسْس، وغيرها، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية، الذي يُعارِضُ مشروع القانون المالي بصيغته الحالية، سوف يظل حريصاً على الترافع السياسي، وعلى تقديم التعديلات الضرورية من خلال فريقه النيابي، سعياً منه نحو إبراز بديله الديمقراطي التقدمي، المرتكِز على تغيير المقاربات لتحقيق تَـــــحَوُّلٍ فعلي في السياسات العمومية.

مشاريع القوانين المتعلقة بالمنظومة الانتخابية: تأكيد على توجُّهات مذكرة الحزب، وأساسا منها تحسين المناخ العام والتخليق وحضور النساء والشباب

من جانبٍ آخر، وعلى ضوء عرضٍ في الموضوع، تداول المكتبُ السياسي، بشكلٍ أوَّلِي، في مستجدات مشاريع القوانين المتعلقة بالمنظومة الانتخابية. ويؤكد الحزبُ، بهذا الصدد، على أنَّ انتخابات مجلس النواب، المقرر تنظيمها في 2026، يتعين أن تندرج في إطار توطيد مسار البناء الديمقراطي والمؤسساتي الوطني،  تفعيلاً للدستور، مع ما يستلزمه ذلك من ضرورة توفُّرِ إرادة سياسية قوية وفعلية، لإعطاءِ نَفَسٍ ديمقراطي قوي للفضاء السياسي؛ ومن ضرورة  إحداثِ الانفراج السياسي والحقوقي، من خلال خطواتٍ ملموسة، من قبيل التعامل بانفتاح وأريحية مع الحالات الأخيرة للمتابعة والاعتقال المرتبطة بالتظاهر السلمي والمسؤول، بما هو حقٌّ دستوري؛ واتخاذ مبادرةٍ لِطَيِّ كل الملفات المرتبطة  باعتقالاتٍ تتصل بممارسة حرية التعبير .

في هذا السياق، يؤكد الحزبُ على أنّه، إلى جانب الاشتغال على تطوير الجوانب التشريعية، يتعين الحرصُ على المراقبة الحازمة لمدى سلامة الممارسات الانتخابية. كما يؤكد على ضرورة أن تشكِّلَ انتخابات 2026 تحوُّلاً نوعياًّ، بما يُوفِّرُ شروط المشاركة الواسعة لعموم المواطنات والمواطنين، وخاصة الشباب؛ وبما يضمن تيسير انخراط الشباب في العمل الحزبي والسياسي والمؤسساتي؛ وبما يُعزِّزُ تمثيلية النساء في مجلس النواب؛ وبما يضمنُ التخليق والقطع مع الاعتماد على الفساد والاستعمال المكثف وغير المشروع للمال في الانتخابات، مع ما تؤدي إليه هذه الممارساتُ من تأثيرٍ على سلامة النتائج الانتخابية.

ويؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سوف يتعامل مع مشاريع القوانين المتصلة بالانتخابات، المعروضة حاليا على البرلمان، انطلاقاً من المذكرة التي حَضَّرَها في هذا الشأن؛ وارتكازًا على إعدادِ تعديلاتٍ بخصوص قضايا أساسية، بما فيها تلك المرتبطة بضمان حرية التقدير السياسي العام إزاء سلامة المسلسل الانتخابي.

الأوضاع في فلسطين والسودان: أبرز القضايا الدولية التي تناولها الاجتماع

فيما يتعلق بتطورات الأوضاع بفلسطين، أدانَ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إقدام الكيان الصهيوني على خرق اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، بشكلٍ خطير يهدد صُمود هذا الاتفاق، وذلك من خلال شنِّ غاراتٍ عسكرية غادِرة على منازل وخيام نازحين، بما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى.

ويؤكد الحزبُ على أنَّ تكرار خروقات الكيان الصهيوني للاتفاق، برهانٌ على نيته السيئة، ودليلٌ على أنه يبحثُ عن أيِّ فرصةٍ أو ذريعةٍ للتملص من الالتزام بوقف حرب إبادته الجماعية في غزة. إن هذا السلوك يعكس، مرةً أخرى، استخفافاً واضحًا للكيان الصهيوني بالمجتمع الدولي الذي يتعين أن يتحمل مسؤوليته في حماية الاتفاق، وفي توفير الحماية اللازمة للمدنيين ولطواقم الإنقاذ والفرق الطبية، وفي ضمان الولوج السَّلِس للمساعدات إلى غزة، بشكلٍ كافٍ، وبما يضمن الشروط الدنيا للعيش بالنسبة إلى أهل غزة.

في هذا السياق، نَـــــوَّهَ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بالاتفاق الذي تمَّ مؤخراً بالقاهرة بين الفصائل الوطنية الفلسطينية، بشأن تدبير شؤون غزة مرحليا. ويتطلع الحزبُ إلى أن تكون هذه الخطوة مقدمةً من أجل توطيد وحدة الصف الفلسطيني، بشكلٍ قوي ومستدام، بما يعزز مبدأ تدبير الفلسطينيين لشؤونهم بأنفسهم، بشكل حر ومستقل وديمقراطي.

من جهة أخرى، يُعربُ حزبُ التقدم والاشتراكية عن تضامنه القوي مع الشعب السوداني الشقيق، الذي تعرفُ أجزاء منه محنةً إنسانيةً ومؤسساتية وسياسية وأمنية حقيقية، تتجلى بالأساس في المجازر المروِّعَة التي تُقتَرَفُ في حق المدنيين، وفي أزمة الغذاء الحادة، وفي النزوح الجماعي، وغيرها من المآسي الإنسانية الفادحة.

في هذا الإطار، ينادي الحزبُ كافة القوى الوطنية الديمقراطية بالسودان إلى وحدة الصف وتطوير المبادرات السياسية، استشرافاً للسلام ولبناء دولة مدنية ديمقراطية تَصُونُ حقوقَ الإنسان وتُـــحققُ العدالة والكرامة والاستقرار. كما يُنادي الحزبُ المجتمع الدولي من أجل الالتفات إلى الأوضاع بالسودان، والعمل، وفق قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، على صَونِ وحدته الوطنية وسيادته ومُقَدَّراته الوطنية.

مبادرات وأنشطة الحزب

أما فيما يتعلق بتتبع إنجاز برنامج عمل الحزب، فقد نَوَّهَ المكتبُ السياسي بالنجاح الكبير، على جميع المستويات، الذي عرفته أشغال الجامعة الخريفية للشبيبة الاشتراكية، والتي التأمت مؤخراً ببوزنيقة، تحت شعار “وعي يقود للنضال.. ونضال يصنع التغيير”، بمشاركةٍ وازنةٍ لطاقاتٍ شابة، جديدة في غالبيتها، من مختلف ربوع الوطن.

كما نَوَّهَ المكتبُ السياسي باللقاء القيِّم لخبراء الحزب الاقتصاديين، مع فريقه النيابي، حول مستجدات مشروع قانون المالية لسنة 2026؛ وكذا بالمساهمة الفعالة للمكتب السياسي والفرع الإقليمي للحزب بفكيك في الذكرى الثانية لحراك الماء؛ وأيضاً بالمائدة المستديرة التي نظمتها لجنة المساواة وحقوق النساء للحزب، حول وضعية الفتاة بالمغرب.

كما تطرق المكتبُ السياسي إلى عددٍ من المبادرات والأنشطة المقررة، خلال الفترة المقبلة، في إطار برنامج العمل، والتي تعمل قيادةُ الحزبِ ومنظماتُهُ ومؤسساتُهُ وقطاعاتُهُ وفروعُهُ على التحضير لتنظيمها.

 

حُرر بالرباط في 30 أكتوبر 2025