تصريح المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية حول التطور التاريخي والحاسم في قضية الصحراء المغربية

في هذه اللحظة التاريخية المفصلية التي يَحياها الشعبُ المغربي، يُعربُ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن ابتهاجه العميق واعتزازه الكبير بالقرار رقم 2797 الذي اعتمده مجلسُ الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي كَرَّسَ أنَّ مقترح الحُكم الذاتي تحت السيادة المغربية يُشَكِّلُ الحَــــلَّ الأكثر قابلية للتطبيق كأساسٍ وحيدٍ لطيِّ النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، انتصاراً للعدل ولحقائق التاريخ والشرعية والمشروعية.

في هذا السياق، تابَــــعَ المكتبُ السياسي، باهتمامٍ عميق واعتزاز بالغ، الخطابَ الملكي السامي بهذه المناسبة السعيدة والمنعطف الحاسم في تاريخ المغرب الحديث، حيثُ أبى جلالةُ الملك إلاَّ أن يتقاسَمَ، بنبرة الحِكمة والقوة الهادئة، هذا الإنجاز التاريخي مع الشعبِ المغربي، بعد خمسين سنة من الكفاح والنضال والتضحيات الجسام في سبيل قضيتنا الوطنية العادلة والمشروعة.

إنَّ حزبَ التقدم والاشتراكية، في هذه اللحظة الوطنية التاريخية، لَيُؤكد على أنَّ هذه التطورات الحاسمة تُشَكِّلُ، فعلاً، تَحَوُّلاً جذرياًّ ومنعطفاً مصيرياًّ، في المسار الطويل من نضالاتِ الشعب المغربي في سبيل استكمال وتوطيد وحدته الترابية، باذِلاً من أجل ذلك، على مدى عقود، الغالي والنَّفيس، ومُوَاجِـــــهًا، بثقةٍ ووطنية وصُمود، كل الصعاب والمناورات والــــمُعاكَسات.

إنَّ هذه المناسبة، التي تبعثُ على السعادة والفخر، ستُكتَبُ في التاريخ بمدادِ الاعتزاز والمجد، ونحن على مشارف الاحتفاء الوطني بمرور خمسين سنة على حَدَثِ المسيرة الخضراء المظفَّرة، التي أبدعها وأطلقها، بإقدامٍ ونجاح، المغفورُ له جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، وأسفرت عن استرجاع أقاليمنا الجنوبية الصحراوية، استكمالاً لمسيرة التحرير والاستقلال التي قادها جلالة الملك الراحل محمد الخامس طيب الله ثراه.

وإذ يَستحضرُ حزبُ التقدم والاشتراكية، بإجلال وتقدير، هذه الأدوار التاريخية التي بصمت مسارَنا الوطني الحافل، فإنه يتقدمُ بالتهاني الخالصة والحارة إلى جلالة الملك محمد السادس، على الدور الريادي والطلائعي الذي اضطلع به، بحزمٍ وإصرار، في قيادة الديبلوماسية الوطنية، منذ اعتلائه العرش، بما أفضى إلى تَحَوُّلاتٍ أساسية في معالجة ملف النزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية، منذ تقديم، سنة 2007، مبادرةَ الحُكم الذاتي في كَنَفِ السيادة المغربية، التي غَيَّرتِ الموازين لفائدة بلادنا، وجعلتها تُمسِكُ بزمام المبادرة والفِـــعل على المستوى الدولي. وقد تأكد وتَكَرَّسَ ذلك من خلال حصد الانتصارات، لا سيما بزَخَمِ الاعترافات الوازنة والواسعة بمغربية الصحراء وبوجاهة ومصداقية مقترح الحُكم الذاتي.

وفي هذه اللحظة الوطنية المفعمة بالمعاني النبيلة، يَتوجَّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية بالتهنئة الحارة والتحية العالية إلى كافة الشعب المغربي، بِقِواه الحية، الذي قَدَّمَ من أجل هذا الانتصار الهائل كل التضحيات. كما يتوجه بنفس التهاني والتحايا إلى كل الإسهامات والمبادرات والجهود المحمودة، سواء في إطار الديبلوماسية الرسمية؛ أو في إطار الديبلوماسية الموازية، البرلمانية، والحزبية، والمدنية، وغيرها، مع تحية خاصةٍ إلى مغاربة العالَم الذين حرصوا دوماً على رفع راية الوطن والدفاع عن قضاياه الأساسية.

ونحن نعيشُ فرحة هذا الانتصار التاريخي، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية يَنحني، بكل إجلالٍ وامتنان وعِرفان، أمام الأرواح الطاهرة لكافة شهداء الوطن، العسكريين والمدنيين، والذين ستظلُّ ذِكراهُم خالدةً في وِجدان الشعب المغربي وفي ذاكرة الوطن، على مَرِّ العصور. كما يُحَيّي الحزبُ، بإكبارٍ وتقدير، جميعَ القواتِ الأمنية والعسكرية، بكل تشكيلاتِها، من قواتٍ مسلحة، وأمنٍ وطني، ودَرَكٍ ملكي، وقوات مساعِدة، ووقايةٍ مدنية، على تَجَنُّدِها الدائم، تحت قيادة جلالة الملك، للدفاع عن حوزة الوطن واستقراره وعن سيادة ووحدة وسلامة أراضيه.

وفي هذه اللحظة المفصلية الحاسمة، يَعتبرُ حزبُ التقدم والاشتراكية أنَّ المغرب نَجَحَ، بشكل بَيِّن، في أنْ يفتح صفحةً جديدة، صفحة بناء مستقبل الصحراء المغربية في إطار الحُكم الذاتي في كنف السيادة المغربية. إنَّها مرحلةٌ تاريخيةٌ جديدةٌ تستلزم مواصلة الحرص على تمتين الجبهة الداخلية على كافة المستويات، الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية، والارتكاز على نهج الإصلاح والبناء، من أجل رفع تحديات هذه المرحلة، وتفعيل هذا الحل على أرض الواقع.

كما يُعربُ الحزبُ عن عزمه العميق على المساهمة البنَّــــاءة، إلى جانب كل القوى الوطنية الحية، في بلورة الحُكم الذاتي على أرض الواقع، وإنجاح مسلسل احتضان أخواتنا وإخواننا الموجودين حاليا في مخيمات تندوف؛ وعن أمله في أن يساهم هذا التطور الهام في فتح صفحة جديدةٍ أمام العلاقاتِ بين المغرب والجزائر، بما يدفع في اتجاه قيام فضاءٍ مغاربي موحد، مزدهر وقوي.

 حُرر بالرباط في 31 أكتوبر 2025