قام أعضاء وفد قيادة التقدم والاشتراكية برئاسة محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام للحزب رفقة مسؤولين محليين بالمحافظة يوم الاثنين 25 غشت 2014بزيارة مصنع صابون طوقان بمحافظة نابلس كنموذج للصناعات المحلية المرتبطة تاريخيا بالمنطقة حيث قدمت لأعضاء الوفد شروحات حول تاريخ صناعة الصابون النابلسي و فوائده باعتباره صابونا طبيعيا خالصا وخاليا من المواد الكيميائية.
ويرجع تاريخ صناعة الصابون في فلسطين إلى أكثر من ألف عام مضت، بدلالة الكثير من الكتابات التي دونها الرحالة والمؤرخون القدماء ومنهم شمس الدين محمد بن أبي طالب الأنصاري “المقدسي” (الذي عاش في القرن العاشر الميلادي)، حيث قال: إنه كان يصنع في مدينة نابلس ويحمل إلى سائر البلاد. وعندما زارها عام 1200؛ كتب: “ترمز هذه المدينة إلى قصر بين البساتين أنعم الله عليها بشجرة الزيتون المباركة”.
ولا يعرف على وجه التحديد من هو مبتكر هذه الصناعة، وهل وجدت في نابلس أم نقلت إليها من مدينة أخرى؛ ولكن الثابت أن هذه الصناعة وجدت لها في نابلس البيئة والظروف المناسبة التي ساعدت على تمركزها في هذه المدينة أكثر من غيرها، ولعل من أهم الأسباب التي ساعدت على ذلك وفرة زيت الزيتون في منطقة نابلس ومحيطها؛ فهو المادة الأساسية في صناعة الصابون.
وفي زمن الاحتلال الصليبي لفلسطين حظيت نابلس بمكانة عالية لشهرتها بصناعة أهم أنواع الصابون؛ حتى إن هذه الصناعة أصبحت حكراً على الملك فهو المسؤول عنها، ولا يسمح لأي من أصحاب المصانع بمزاولة الصنعة إلا بعقد يمنحه لهم ملك “بيت المقدس”، مقابل مورد مالي دائم من أصحاب المصانع.
ولم يكتف الصليبيون بذلك بل اجتهدوا في نقل الصنعة إلى أوروبا؛ فتأسست مصانع الصابون من زيت الزيتون في مرسيليا. وكانت هذه المصانع تحضر الصابون بطريقة مشابهة لطريقة تحضير الصابون النابلسي.
وفي العهد العثماني؛ انحصرت صناعة الصابون بأصحاب الثروة والسلطة؛ لأنها كانت ذات دخل مرتفع جدًا؛ فكانت صناعة متوارثة انحصرت في مجموعة من العائلات وارتبطت بأسمائها.
وفي مطلع هذا القرن؛ تنبه المصريون والسوريون لرواج صناعة الصابون؛ فبدأوا بصناعة صابون، وأسموه “صابون نابلسي”؛ ورغم ذلك بقي الصابون النابلسي رمزًا للجودة ومحورًا للاهتمام.
بعد عام 1967م وسقوط ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في قبضة الاحتلال الإسرائيلي بما فيها مدينة نابلس؛ سعت سلطات الاحتلال جاهدةً إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني ،وكانت صناعة الصابون مستهدفة كغيرها من الصناعات الوطنية الفلسطينية؛ حيث بدأت المصابن تختفي تدريجيا؛ بسبب إغراق السوق المحلية بأنواع متعددة من الصابون الأجنبي والإسرائيلي بأثمان رخيصة نسبيًا.
وأثناء انتفاضة الأقصى؛ كانت المصابن هدفًا مباشرًا لصواريخ الاحتلال الإسرائيلي وقذائف مجنزراته؛ حيث جرى تدمير ثلاث منها في حي الياسمينة، ولحقت أـضرار جسيمة في بأعداد أخرى.
كان عدد المصابن حتى أواخر القرن التاسع عشر 30 مصبنة، إلا أن هذه المصابن أخذت تختفي شيئاً فشيئاً حتى وصل عددها في العام 1904 إلى 16 مصبنة، تراوح إنتاجها السنوي ما بين 500 – 1000 طن.
وعشية اندلاع الحرب العالمية الأولى؛ ارتفع عدد مصانع الصابون في نابلس من جديد، ليصل إلى 29 مصبنة: منها 23 مصبنة كبيرة، و6 صغيرة، تنتج ما بين 2400 – 2640 طنًا من الصابون.
وحسب ما ذكرته أرقام غرفة تجارة وصناعة نابلس، فإن عدد المصابن المسجلة رسميا حتى نهاية العام 2012 م 4 مصابن. وذكرت الأرقام أن قيمة صادرات الصابون النابلسي 1736496 دولارًا. كما أشار المصدر أن أكثر الدول العربية استيرادًا للصابون النابلسي هي: الأردن، والإمارات العربية، والعراق؛ وأن بعض الدول الأجنبية تستورد الصابون النابلسي وهي: اليابان، وكوريا، والبيرو.
لا يوجد في صناعة الصابون النابلسي آلات معقدة؛ بل إن العمل بهذه الصناعة يدوي تقليدي ويعتمد على العمال،
لم يكن الصابون يغلف؛ بل بدأت عملية التغليف في الأربعينيات من هذا القرن؛ حيث تلف القطعة يدويًا بورق خاص رقيق عليه اسم وماركة صاحب المصبنة. وينجز العامل لف قطع الصابون بسرعة معدلها 800 قعطة بالساعة، والبعض يتجاوز 1000 قطعة. وتجري مسابقات سنوية بين عمال اللف.
وكان الصابون يوضع في صناديق خاصة تنقل إلى مصر والشام بواسطة القطار. وفي الأربعينات ومطلع الخمسينات؛ أعيد وضع الصابون في أكياس صغيرة من الخيش (الوزنات) أصبحت تزن 10كغم أو 15كغم أو 20 كغم.
وقد أـدخلت بعد التطورات الآلية عند بعض المصابن؛ فتحول التحريك بالدكشاب إلى التحريك بواسطة المحرك الكهربائي؛ كما أصبحت عملية نقل الزيت من الآبار تتم بواسطة مضخة كهربائية؛ وحل الوقود النفطي محل الجفت.





