القيادي في التقدم والاشتراكية أكد أن الارتجال في تدبير الجائحة أدى إلى “تلفة” المواطن
قال عبد السلام الصديقي، القيادي في التقدم والاشتراكية، والوزير الأسبق للشغل، إن سعد الدين العثماني لا حضور له ولا يتمتع بكاريزما رئيس حكومة، مؤكدا أن الانسحاب من الحكومة جاء بعد نقاش عميق، تعبيرا عن رفض الاستمرار في وضع غير ملائم داخلها. وأوضح الصديقي، الذي حل ضيفا على نادي «الصباح»، أن تراجع اليسار تسبب في تضرر البلاد، مؤكدا ضرورة إعادة الاعتبار إلى قيم العقل والعلم،
ومواجهة خطاب النكوص، وإلا أخلف المغرب موعده مع التاريخ.
برحو بوزياني- عبد الواحد كنفاوي- عبد الله الكوزي ( تصوير عبد اللطيف مفيق)
> كيف تقيم تدبير حكومة العثماني لتداعيات جائحة «كوفيد 19»؟ وما هي التحديات التي تواجه المغرب في المرحلة المقبلة؟
> يمكن الحديث عن ثلاث مراحل في ما يخص تدبير الحكومة للجائحة، الأولى همت الأشهر الثلاثة الأولى من الحجر الصحي، وهنا كان التدبير على العموم موفقا، لأن البلاد سارعت إلى اتخاذ الإجراءات الأساسية على أعلى مستوى، وكان للملك دور كبير في هذا الاستباق، من خلال قرارات جريئة، مثل الإعلان عن صندوق «كوفيد»ّ، وتوزيع الدعم على الفئات الهشة المتضررة من توقف الأنشطة الاقتصادية، وهي العملية التي همت خمسة ملايين أسرة. كما جرى دعم المقاولات في القطاعات المتضررة ، بهدف الحفاظ على مناصب الشغل. وقد جرى التنويه بالتجربة المغربية في الخارج، بالنظر إلى قوة الابتكار والتعبئة. أما المرحلة الثانية مع فرض نظام الطوارئ الصحية، فقد سجلت ارتباكا وتذبذبا في الأداء الحكومي، وسجلنا ارتجالا في إصدار البلاغات وتناقض التصريحات، ما أدى إلى «تلفة المواطن».
فكيف يمكن فهم قرار تشجيع السياحة الداخلية بعد إغلاق المجال الجوي أمام السياح، وفي الوقت ذاته منع المواطنين من التنقل بين المدن، من خلال تقييد حرية التنقل وفرض إجراءات أفشلت جهود إنقاذ قطاع السياحة من الشلل التام.
> لكن البعض سجل تطورا في تعاطي الحكومة مع مرور الوقت. أين يتجلى الارتباك في التدبير الحكومي؟
> استمر الارتباك في الأداء الحكومي، ما أدى إلى التراخي في مواجهة الوباء، واستمر منذ غشت إلى غاية نهاية السنة الماضية. أما المرحلة الثالثة التي ابتدأت مع عملية التلقيح، فيمكن القول إنها عرفت تحسنا أدى إلى تجاوب المواطنين الإيجابي، وقد تزامنت مع تراجع في أعداد الإصابات والوفيات. كما تراجع الضغط على المنظومة الصحية، وهنا لابد من تسجيل الدور القوي للملك في توفير اللقاح، وفي التأكيد على فعاليته، بعد التطعيم الذي نقلته وسائل الإعلام، وهي العملية التي ساهمت في استعادة ثقة المواطنين في اللقاح.
> أثارت المشاورات بين الداخلية والأحزاب حول الاستعداد للانتخابات المقبلة الكثير من الجدل. ما هي القضايا المثيرة للخلاف؟
> بالفعل، عقد عدد من اللقاءات، اثنان على الأقل، هما تبادل الرأي والمعلومات بشأن الاستحقاقات المقبلة، وقد تميز اللقاء الثاني بتقديم الأحزاب لمذكرات تلاها نقاش، من بينها المذكرة الثلاثية بين الاستقلال و»البام» والتقدم والاشتراكية، وشمل الاتفاق العديد من المقتضيات، فيما ظل الخلاف قائما حول القاسم الانتخابي وقضية اللوائح الوطنية للشباب والنساء. وبالنسبة إلينا في التقدم والاشتراكية، اقترحنا اعتماد القاسم على أساس عدد المصوتين، وليس على أساس عدد المسجلين، كما ذهبت إلى ذلك أحزاب أخرى. ولم تتمكن الأطراف من التوافق حول هذه القضايا، ويمكن أن تحال على البرلمان للحسم فيها.
> أثار تقديم مذكرة مشتركة مع «البام» والاستقلال، سؤال التحالف مع حزب كان موضوع حرب من قبلكم. ما الذي استجد لتغيير موقفكم منه؟
> أولا تنسيقنا مع «البام» ليس تحالفا بالمعنى السياسي، بل تنسيق في إطار أحزاب المعارضة البرلمانية، أما العلاقة مع «البام»، فقد نسجت بعد التغيير في خطابه السياسي، وانتخاب عبد اللطيف وهبي أمينا عاما، ورغبته في فتح علاقات عادية مع جميع الأحزاب.
وفي السياسة ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم. كما أن المغرب يعرف اليوم مرحلة انتقالية على جميع المستويات، والأحزاب جزء من هذا الواقع، ولا يمكن مقارنتها مع مثيلاتها في البلدان العريقة في الديمقراطية. وأؤكد مرة أخرى أن تحالفنا في السابق مع العدالة والتنمية، ليس سياسيا، بل تأسس على قاعدة برنامج حكومي ساهمنا في صياغته جميعا.
حكومة بنكيران درس في السياسة
> لم يفهم الرأي العام كيف تحالفتم مع بنكيران، وعارضتم العثماني. فما الذي تغير لتبرير الانتقال إلى معارضة برنامج ساهمتم في وضعه؟
> يجب التأكيد أن التحالف مع «بيجيدي» مر من مرحلتين، الأولى مع حكومة بنكيران، وهي تجربة كانت في سياق تاريخي يتسم بإقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات 2015، التي أعطت الرتبة الأولى لحزب العدالة والتنمية. وقد احترم الملك الدستور، وعين عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة، والذي أعلن مباشرة رغبته في التحالف مع مكونات الكتلة الديمقراطية الثلاثة، وقبل التقدم والاشتراكية والاستقلال المشاركة، في حين رفض الاتحاد الاشتراكي العرض، الذي كان في اعتقادي بشروط أفضل في 2016، قبل أن يلتحق بحكومة العثماني في شروط أقل.
وأؤكد أن قرار المشاركة في الحكومة أخذ وقتها نقاشا طويلا، داخل المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب، بل عرف نقاشات ساخنة، استحضارا للسياق السياسي، إذ لأول مرة يتم الاتفاق المسبق على برنامج حكومي، ساهمت مكونات الأغلبية في وضعه. وللحقيقة، أؤكد أن الأمور تمت آنذاك في استقلالية تامة وتوافق بين الأحزاب المكونة للأغلبية. كما تمت صياغة ميثاق شرف، أخذا بعين الاعتبار الصعوبات التي ستعترض تجربة التحالف بين أحزاب بمرجعيات مختلفة. ويمكن القول إننا قدمنا درسا في السياسة لبلدان عربية. وبدون التقدم والاشتراكية، لم يكن للحكومة أن تشكل الأغلبية وتجاوز أزمة سياسية، كانت تهدد الوضع في ظل سياق ما يعرف بالربيع العربي.
> لكن البعض يقول إنكم تخليتم عن مبادئكم مقابل الاستمرار في حكومة بنكيران.
> بالعكس، لم يسجل أي تراجع خلال الولاية الحكومية الأولى، ودافعنا بقوة عن الحريات الفردية والجماعية وقضايا المرأة، وكنا نخوض نقاشات ساخنة داخل الحكومة وخارجها، دفاعا عن عدد من القضايا، ولعبنا دورا في ظل التعاقد مع الناخبين، في الدفاع عن قضاياهم والوفاء للبرنامج السياسي للحكومة.
العثماني لا يحسم قراراته
أعتقد أن الموقف مرتبط في المقام الأول بتجربة رئيس الحكومة وطريقة تدبيره للفريق الحكومي. فالعثماني لا حضور له ولا يتمتع بسبب طبعه وشخصيته، بكاريزما رئيس الحكومة، قد يقول البعض إن الرجل هو الأسلوب، لكن التجربة أبانت أنه لا يحسم في القرار، ولا يعطي إجابات مقنعة، ما يترك المجال أمام الغموض والارتباك. والعكس مع بنكيران، فهو صريح في الدفاع عن مواقفه، مهما اختلفنا معه، ومهما كانت حصيلته بسلبياتها وإيجابياتها.
ويمكن التأكيد أن حصيلة حكومة العثماني السنوية، تبقى ضعيفة، فباستثناء عمل واحد، هو القانون الإطار الخاص بالتربية والتكوين، والذي يحسب للمجلس الأعلى للتعليم، وأعدت حكومة بنكيران خطوطه العريضة، فلا شيء قدمته حكومة العثماني، يستحق الذكر. فمازالت العديد من القوانين الأساسية عالقة في البرلمان بغرفتيه، يفوق عددها 16 مشروعا، منها قوانين ذات أهمية كبرى مثل قانون مناهضة العنف ضد النساء، والقانون الجنائي وقانون مكافحة الاضطرابات العقلية، وقانون مكافحة غسل الأموال، والإثراء غير المشروع، ومدونة التغطية الصحية، في الوقت الذي بذلت فيه حكومة بنكيران مجهودا كبيرا في تنزيل القوانين التنظيمية، وقوانين التقاعد وإصلاح نظام المقاصة، الذي سجلنا بشأنه بعض التحفظات، بسبب عدم مواكبته بتدابير مرافقة.
طريقة التدبير سبب انسحابنا
انسحبنا، لأن الجو العام لم يعد ملائما للعمل داخل الحكومة، كما أن اجتماعات الأغلبية لم تعد تحترم دوراتها ولا قراراتها، وطغيان الحسابات السياسية الضيقة. أما عن حصيلة عمل وزراء الحزب في الحكومة، فإننا لا نقول إننا الأفضل، لكن ما قام به وزراؤنا في الصحة بخصوص تخفيض أسعار الأدوية وبناء المستشفيات، وفي مجال السكن، من حيث تقليص مستوى العجز وتخفيضه إلى النصف، هو إنجاز مهم.
وللحقيقة، نقول إن عراقيل داخل الحكومة، هي التي حالت دون إخراج مشروع السكن لفائدة الطبقة الوسطى. وأؤكد هنا من موقع مسؤوليتي في المكتب السياسي أن طريقة تدبير الأغلبية الحكومية من قبل العثماني، لم تعد ترضي التقدم والاشتراكية، لذا قررنا بعد نقاش مستفيض الانسحاب من الحكومة.
أنا أتحدث هنا عن قرار مؤسسات الحزب بأغلبية ساحقة، من خلال ممارسة الديمقراطية، في مناقشة كل القرارات مناقشة مستفيضة، وهنا أؤكد أننا لم نفكر في الانسحاب بعد إبعاد بنعبدالله والوردي من الحكومة، لأنه بلغنا، بأن القرار لا يعني إبعاد الحزب من الحكومة، لذلك تجاوبنا مع التعديل وعوضنا الحقائب بوجوه أخرى، ولم يكن واردا إطلاقا خيار الانسحاب من الحكومة في تلك الفترة.
لكن بعد إعفاء شرفات أفيلال من الحكومة، وفي ظروف أخرى، دون تقديم أسباب القرار، آنذاك بدأ الحديث عن الانسحاب من الحكومة. لأن صبرنا بلغ مداه، وقد طلبنا من رئيس الحكومة توضيح الأمر، وطبيعة المؤاخذات المسجلة على الوزيرة أفيلال، والتي يعرف الجميع جديتها وحصيلة عملها في قطاع الماء، لكن ظل طلبنا دون جواب.
ورغم أن الأمر كان يهدد الحزب بالانقسام، فقد تم تأجيل قرار الانسحاب، في انتظار أن نلمس مبادرات من رئيس الحكومة، لكن العلاقة ازدادت توترا، واتسعت قاعدة الرأي المطالب بالانسحاب من الحكومة.
فصل الدين والمال عن السياسة
اعتبر الصديقي أن زواج المال بالسياسة لا يقل خطورة عن استغلال الدين لتحقيق مآرب سياسية. وطالب رجال الأعمال الذين يتولون مناصب سياسية وحكومية بضرورة تقديم استقالتهم من مشاريعهم الخاصة، لضمان عدم وجود حالات التنافي.
وأشار إلى أن هناك علاقة تربط بين الفئتين، رغم ما يمكن أن يبدو من خلافات بينهما، إذ أن فئة من رجال المال والأعمال تستغل المناصب السياسية، من أجل تحقيق مكاسب شخصية وتوظف رجال الدين في الترويج لخطاب ديني يتماهى مع مصالحها، وهناك علاقة مصلحة تربط الفئتين، وتفاهمات بين المتاجرين بالدين والسياسة.
وأكد أن تخليق الحياة العامة يقتضي التصدي لكل هذه الممارسات لضمان شروط المنافسة النزيهة بين مختلف الفاعلين في الحياة العامة، مضيفا أن من حق رجال الأعمال أن يشاركوا في الحياة السياسية، لكن يتعين عليهم قطع الصلة بمشاريعهم الخاصة بتقديم استقالاتهم من إدارة أعمالهم، لأن الجمع بين الأمرين سيسقطهم في وضعية تناف مع قيم الديمقراطية.
ودعا، في هذا الصدد، إلى تطبيق مبدأ دولة الحق والقانون في مجال الأعمال، مشيرا إلى أنه يتعين على الذي يتحمل مسؤولية سياسية أن يستقيل من أنشطته في مجال المال والأعمال.
النموذج التنموي لا يحتاج إلى إصلاح دستوري
النتائج تظل متوقفة على قدرة الجهات المكلفة بتحقيق الأهداف على استيعاب التحولات
اعتبر عبد السلام الصديقي، وزير الشغل الأسبق وعضو المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية، أنه لا يكفي إعداد نموذج تنموي، بل الأهم هو الآليات التي ستعمل على تنزيل هذا النموذج على أرض الواقع، إذ مهما تكن أهمية مضامينه، فإن النتائج تظل متوقفة على قدرة الجهات المكلفة بتحقيق الأهداف على استيعاب التحولات التي يعرفها الاقتصاد العالمي والتحديات التي يواجهها المغرب.
وأشار المتحدث ذاته، ردا على المطالبين بضرورة إصلاح سياسي قبل التفكير في نموذج تنموي، إلى أن هذه المطالب مجرد مزايدات، خاصة أن عددا من هؤلاء لم يصوتوا على الدستور، ولم يشاركوا في الإصلاحات السياسية، مضيفا أن الدستور الحالي يعتبر متميزا ومتوازنا، ويعد أول دستور من صنع مغربي، شكل إصلاحا متقدما.
وأكد الوزير الأسبق أنه يمكن أن تكون هناك ثغرات في بعض مواد الوثيقة الدستورية من السهل تعديلها دون اللجوء إلى مراجعة دستورية شاملة. فالمطلوب اليوم مراجعة الممارسة السياسية، لضمان أحزاب سياسية قادرة على تحمل مسؤولية تنزيل مضامين النموذج التنموي بشكل فعال.
وأوضح الصديقي أن التقدم والاشتراكية قدم تصورا شاملا ومتكاملا لضمان نموذج تنموي قادر على رفع التحديات وتجاوز المعيقات التي يعانيها النموذج الحالي.
وأفاد، في هذا الصدد، أن تصور الحزب ينبني على خمسة محاور أساسية تجعل من الإنسان محور العملية التنموية، ويروم المدخل الأول إلى جعل المواطن في قلب عملية التنمية، موضحا أن التقدم والاشتراكية لا يشاطر المقاربة القائمة على أن آليات النمو الرأسمالي وقوانين السوق قادرة لوحدها أن تحقق، تلقائيا، التوازن الاجتماعي، بل يرى أن منطق النمو الاقتصادي ليس نقيضا للعدالة الاجتماعية، وأن العمليتين متلازمتان، وتظل الركيزة الأساسية لهذا المدخل هي الاستثمار في اقتصاد المعرفة وفي التربية والتكوين، والقضاء النهائي على الجهل والأمية، وتحسين قدرات النظام التعليمي الوطني، خاصة التعليم العمومي، والاعتماد على المدرسة العمومية، إضافة إلى ضمان الصحة السليمة للمواطنين والمواطنات، ومحاربة البطالة والهشاشة.
ويتمثل المدخل الثاني، من وجهة نظر الحزب، في ضمان نمو اقتصادي سريع ومضطرد، وأوضح الصديقي، في هذا الصدد، أنه لا يوجد نموذج تنموي جاهز يمكن للمغرب أن ينقله، بل يظل إنتاج النموذج التنموي، رهينا بقدرة المغرب على صياغته طبقا لواقع وخصوصية البلد، ما يفرض أن يقوم الاقتصاد على دور استثماري وتأطيري وتوجيهي أساسي للدولة في إطار التكامل والتشاور مع القطاع الخاص.
ولا يتعلق المدخل الثالث بالحكامة، إذ يصعب التحكم في النموذج التنموي وتأمين شروط نجاحه، إذا لم تكن الدولة قادرة على تحسين نظام الحكامة، وعلى ضمان مناخ ملائم للعمل والأعمال، وتأمين مستلزمات دول الحق والقانون في المجال الاقتصادي، بالقضاء على مختلف مظاهر الفساد والرشوة وإقرار شروط الشفافية والتنافس، والتفعيل الجريء لمبدأي اللاتمركز واللاتركيز، بما يوفر تدبيرا ناجعا للسياسات والتوجهات العمومية.
ويشكل البعد القيمي والثقافي والمجتمعي المدخل الرابع للنموذج التنموي، إذ من البديهي أن تعميم المعرفة بين المواطنين والاعتناء بتكوين الناشئة على قيم الوطنية والمواطنة ستكون له انعكاسات إيجابية على الحياة العمومية الوطنية.
ويتعين، في المدخل الخامس، تعزيز الديمقراطية لتأمين أجواء الثقة والاطمئنان، ما سيجعل المغاربة يشعرون بالرضى عن العيش في وطنهم وسينخرطون بشكل أكثر فعالية في المسلسل التنموي.
وأكد الصديقي أنه يتوقع أن يتضمن النموذج التنموي، الذي سيتم الكشف عنه قريبا، تدابير جريئة.
لجنة اليقظة الاقتصادية… حكومة موازية
ثمن عبد السلام الصديقي برنامج إنعاش، الذي أعلنت عنه الحكومة وخصصت له 120 مليار درهم، لما يمكن أن تكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني. وأوضح أن المبلغ يتوزع بين 75 مليار درهم، عبارة عن قروض بنكية مضمونة من قبل الدولة، و45 مليارا ستتم تعبئتها من قبل الدولة.
لكن سيتوقف نجاح المشروع على الطريقة التي ستنفذ بها خطة الإنعاش، إذ لا توجد معطيات مفصلة حول كيفية توزيع الاعتمادات على القطاعات، ومختلف جهات المملكة.
وانتقد الصديقي بشدة الدور الذي تضطلع به لجنة اليقظة الاقتصادية، التي تشتغل بشكل مستقل وخارج أي سلطة لرئيس الحكومة عليها وكأنها حكومة موازية، في حين أن دورها كان من المفروض أن يقتصر على الجانب الاستشاري، وتساءل حول سبب إقصاء التمثيليات النقابية من عضويتها.
فرصة لاستعادة المبادرة
مع تضرر اليسار، تضررت البلاد، فلا يمكن الاستمرار في هذه الوضعية، إذا لم ننفض الغبار عن الفكر، وإعادة الاعتبار إلى العقل والعلم. وأخاف كل الخوف أن نسقط في مزبلة التاريخ، إذا استمررنا على هذه الوضعية. ويكفي الوقوف عند أزمة اللقاح، للتأكيد أنه لو كان الاهتمام بالعلم والعلماء، لأمكننا تصنيع اللقاح.
وأؤكد لكم أن البلاد أمامها اليوم فرصة سانحة لاستعادة المبادرة، خاصة أن التوجيهات الملكية تسير أكثر في اتجاه اليسار وقيم الحداثة والعدالة الاجتماعية، فمشروع تعميم التغطية الاجتماعية، ليس مشروعا ليبراليا، بل هو من صميم الاشتراكية.
وحين أقرأ الخطب الملكية أرتاح لها، لكن المشكل في الأجرأة، فلا يمكن في رأيي، لحزب العدالة والتنمية، القيام بها، بل أحزاب قادرة على تأمين الاستقرار، وضمان التوازن. فالبلاد في حاجة إلى قوى تضمن التوازن بين مشاريع ليبرالية وأخرى يسارية. إن التغيير يبدأ من الفكر والثقافة، وأحزاب اليسار هي المؤهلة للانفتاح على رجال الفكر والمثقفين، إضافة إلى العمل بجانب الطبقة العاملة والفلاحين، والابتعاد عن الأعيان.