عائشة لبلق: ما تم إقراره لتعزيز مكانة المرأة في المؤسسات المنتخبة لا يرقى إلى ما نطمح إليه كحزب سياسي يؤمن بالمساواة أشد الإيمان

في حوار مع جريدة الصحراء المغربية /  https://assahraa.ma/web/2021/155283

قالت عائشة لبلق، رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، إن الحزب مؤهل اليوم، بفضل تضحيات العديد من مناضلاته ومناضليه، لخوض معركة الانتخابات المقبلة بثقة أكبر، وتمتين عمله الجماعي، مؤكدة أنهم يعملون جاهدين على استثمار رصيدهم النضالي من أجل تعزيز موقعهم في الساحة السياسية الوطنية، من خلال العديد من التدابير التي رسمتها قيادة الحزب.

وأضافت عائشة لبلق، في حوار مع “الصحراء المغربية”، إن ما تم إقراره، بقدر أهميته في تعزيز مكانة المرأة في المؤسسات المنتخبة، إلا أنه لا يرقى إلى ما يطمحون إليه كحزب سياسي يؤمن بالمساواة أشد الإيمان، ولم يصل بعد إلى المطلوب والمبتغى دستوريا في هذا الصدد.

– إلى أين وصل حزب التقدم والاشتراكية في التحضير للاستحقاقات المقبلة في ظل الإكراهات التي يفرضها تفشي وباء كورونا؟

**قبل الجواب على هذا السؤال، أشير أولا إلى أننا في حزب التقدم والاشتراكية، لسنا أمام تجربة سياسية جديدة، أو أننا سنخوض الانتخابات لأول مرة في تاريخنا.

لقد سبق لنا كحزب سياسي وطني عريق، أن شاركنا في العديد من الاستحقاقات الانتخابية منذ سنة 1976، وتمكنت رفيقاتنا ورفاقنا من نيل ثقة المواطنات والمواطنين في مختلف الانتخابات، وكنا حاضرين في مجالس العديد من الجماعات عبر التراب الوطني، كما ظفرنا بمقعد برلماني في الدارالبيضاء، هو المقعد الذي كان يشغله الرفيق علي يعته رحمه الله.

وقد مكننا انخراطنا في العملية الديمقراطية ببلادنا، من تعزيز موقع حزبنا الانتخابي، وأفادنا ذلك في اكتساب رصيد محترم في التجربة على مستوى المجال الانتخابي ومع المسؤوليات الانتدابية، ويمكن لي أن أقول لكم إننا مؤهلون اليوم، بفضل تضحيات العديد من مناضلاتنا ومناضلينا، لخوض معركة الانتخابات المقبلة بثقة أكبر، وتمتين عملنا الجماعي، ونعمل جاهدين على استثمار رصيدنا النضالي من أجل تعزيز موقعنا في الساحة السياسية الوطنية، من خلال العديد من التدابير التي رسمتها قيادة الحزب التي تشتغل عليها بشكل مكثف في الآونة الأخيرة، فيما يتعلق بصياغة البرنامج الانتخابي، وحسمنا فعليا أسماء المترشحات والمترشحين باسم الحزب في أكثر من 70 في المائة من دائرة انتخابية، ووضعنا التصورات اللوجستيكية والمادية، لمواكبة المحطات الانتخابية المقبلة.

غير أن التحدي الذي نواجهه جميعا كأحزاب سياسية، وأيضا كدولة، هو نسبة المشاركة التي نتخوف ألا تكون في مستوى انتظاراتنا، ونتطلع إلى اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة من أجل تحقيق الانفراج السياسي وبناء الثقة، ومعالجة تداعيات سنة من جائحة كورونا، وإعطاء إشارات قوية لتجاوز حالة القلق العام لدى أوسع مختلف الطبقات الاجتماعية والفاعلين الاقتصاديين والماليين بسبب الأزمة الراهنة، ونجدد من خلال منبركم استعدادنا للانخراط في المعارك الوطنية المقبلة، إلى جانب كل القوى السياسية التواقة إلى بلوغ الديمقراطية وتحقيق الإصلاح والنماء لوطننا وشعبنا.

– علاقة بالقوانين الانتخابية، هل أنصفت برأيكم التعديلات التي طرأت عليها المرأة وتمثيليتها في الهيئات المنتخبة؟

**سأجيبك بكل صراحة، وأقول لك إن ما تم إقراره، بقدر أهميته في تعزيز مكانة المرأة في المؤسسات المنتخبة، إلا أنه لا يرقى إلى ما نطمح إليه كحزب سياسي يؤمن بالمساواة أشد الإيمان، ولم نصل بعد إلى المطلوب والمبتغى دستوريا في هذا الصدد، وأتحدث هنا عن الفصل 19 من دستور المملكة، الذي يفرض على الدولة السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وكذا الفصل 30 منه، والذي ينص على التشجيع على تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية.

صحيح، لقد تعزز اليوم موقع المرأة انتخابيا، مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل سنة 2002، بالنسبة لمجلس النواب. وقتها، لم تتجاوز تمثيلية المرأة في مجلس النواب مقعدين، إلا أن هذا الموقع تعزز تدريجيا بعد إقرار نظام “الكوطا” عبر اللائحة الوطنية، وانتقلت التمثيلية النسائية من 30 مقعدا سنة 2002 إلى أزيد من 60 مقعدا بعد ذلك، دون احتساب النساء اللائي يفزن في الدوائر المحلية.
أما بالنسبة للجماعات، فقد تعزز موقع النساء فيها بعد انتخابات 2009، وهو أمر نعتز به، وساهمنا فيه من خلال التعديلات التي شاركنا في صياغتها، رغم أنها لا تلبي طموحاتنا، لأننا نؤمن بقاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله، واعتبرنا ما تحقق على إثر التعديلات التي همت القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية في سنة 2014 أمرا إيجابيا وقابلا للتطوير في المراحل القادمة.

وبالفعل، ومن موقع المسؤولية كرئيسة للمجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب، خلال الفترة التشريعية الجارية، ناضلنا كحزب من أجل تعزيز مكانة النساء في البرلمان وفي الجماعات الترابية خلال المسار التشريعي للقانون التنظيمي لانتخاب أعضاء الجماعات الترابية، وأكيد أن التعديلات التي تم تبنيها وصوتنا لصالحها، والتي سيتم اعتمادها في الانتخابات المقبلة، سيكون لها أثرها الإيجابي على الحضور المتزايد للمرأة في المؤسسات المنتخبة.

وقد مكنتنا هذه التعديلات من كسب معركة الثلث في المقاطعات والجماعات التي يتم فيها اعتماد نظام الاقتراع اللائحي، وفي مجالس العمالات والأقاليم والجهات، كما تم إقرار قواعد قانونية تقضي برفع عدد المقاعد المخصصة للنساء في الجماعات التي تعتمد النظام الأحادي الإسمي إلى خمسة مقاعد عوض ما كان عليه الوضع سابقا، ونتوقع الحضور نفسه، في الغرف المهنية التي كان الحضور النسائي فيها مخجلا حقا، ولا يعكس مكانة المرأة في النسيج الإنتاجي والمهني المغربي.

أما بالنسبة لمجلسي البرلمان، فإننا نسجل أهمية التغييرات التي طرأت على نظام انتخاب النساء لعضوية مجلس النواب من المجال الوطني إلى المجال الجهوي، وأتوقع عددا أكبر من النائبات البرلمانيات في المجلس الذي سينبثق عن الانتخابات المقبلة، وهذا سيؤدي إلى الرفع من تمثيلية النساء في مجلس النواب من 21 في المائة حاليا، إلى ما قد يزيد عن 26 في المائة في الولاية المقبلة، وهي خطوة نعتبرها مهمة، ونأسف على عدم قبول تعديلات كنا تقدمنا بها، والتي تصب في مسعى تعزيز مكانة المرأة في مجلس المستشارين، وأتخوف أن يتحول هذا المجلس مع مرور الزمن إلى مجلس تغيب فيه النساء، بسبب نظام الانتخابي الذي يعتمد على تعدد هيئاته الناخبة.

– هل أنتم راضون عن أدائكم كمجموعة نيابة خلال الولاية التشريعية التي أشرفت على نهايتها، وما تقييمكم لحصيلة البرلمان عموما خلال هذه المرحلة؟

**طبعا نحن راضون على أدائنا. أقول لك ذلك بمنطق الثقة في النفس، وليس بلغة الغرور، وأؤكد لك أنني كرئيسة لهذه المجموعة، أتلقى يوميا تهانئ الخصوم قبل الأصدقاء، لأننا تمكننا بشكل جماعي من منافسة فرق برلمانية أكثر منا عددا، من حيث عدد الأسئلة الشفوية الشهرية والأسبوعية والكتابية التي طرحناها، وعدد مقترحات القوانين التي تقدمنا بها، وعدد التعديلات التي نقوم بصياغتها، ومختلف المبادرات البرلمانية الأخرى التي نتخذها، سواء ما يتعلق بطلبات استدعاء الوزراء إلى اللجن، أو طلبات تشكيل المهام الاستطلاعية، التي وصل بعضها اليوم إلى درجة متقدمة من عملها. ونخوض نضالنا على الواجهة البرلمانية، إلى جانب عموم المواطنات والمواطنين الذين انتخبونا ومنحوا لنا ثقتهم، وكما عاهدنا مناضلاتنا ومناضلينا في حزب التقدم والاشتراكية.
لا يسع التفصيل هنا في حصيلتنا على مستوى المجالس التي نعتبرها إيجابية، وهنا لابد من الإشارة إلى خطأ منهجي يرتكبه الكثير من الصحافيين والباحثين فيما يتعلق بالقراءة الرقمية لحصيلة كل فريق، وهي قراءة يجب أن تكون بشكل نسبي، وأن يؤخذ فيها بالاعتبار عدد عضوات وأعضاء كل فريق، إذ لا يمكن مثلا القول إن فريقا يتشكل من 50 عضوا، وطرح 50 سؤالا مثلا، أحسن من فريق يتكون من 15 عضوا وطرح 30 سؤالا، والواقع أن منطق النسبية يبين لنا بشكل جلي، أن الفريق الثاني هو الأحسن أداء

وحصيلة من الفريق الأول.
من ناحية ثانية، لابد أن أؤكد على أمرين أثنين.

الأمر الأول: يتعلق بتأثر العمل البرلماني بالخلافات الحكومية التي لم تتوقف منذ 2017، وخيل إلينا في الكثير من المرات أننا أمام أكثر من حكومة واحدة، سيما عندما نكون بصدد مناقشة مشاريع قوانين كبيرة، من قبيل مشروع القانوني الجنائي والقوانين الانتخابية، والقانون الذي يناقش حاليا بمجلس النواب، والمتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وهناك أمثلة أخرى كثيرة.
أما الأمر الثاني: فيتعلق بمحدودية تفاعل الحكومة مع العمل البرلماني، وأقف هنا عند تعامل الحكومة مع مقترحات القوانين التي ظل أغلبها جامدا بسبب موقف سلبي للحكومة منها، أو تهربها من تحمل مسؤولياتها في المشاركة في الأعمال التحضرية للجن، والشيء نفسه، بالنسبة للأسئلة الكتابية، التي تجاوز عددها اليوم أزيد 24000 سؤالا، ولم يتم الجواب على أزيد من 14000 سؤالا منها، وهو رقم مستفز ومسيء، فيما يتعلق بالتعاون الواجب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

– كيف تدبرون عملية التحالفات استعدادا لخوض الانتخابات المقبلة؟

**أشكرك على طرح هذا السؤال، لأنه سؤال جوهري في سياق التعديلات التي تم إدخالها على القوانين الانتخابية، والتي يتوقع أن يكون لها الأثر على التمثيلية في المؤسسات المنتخبة، وأساسا على مستوى تشكيل مجلس النواب، ولاحقا على الحكومة، التي يتوقع الكثير من المحللين أن تكون متعددة الأطراف.

وبالنسبة لنا في حزب التقدم والاشتراكية، فالأمور واضحة، لأننا اليوم، وكما تعلمون ذلك، مصطفون في المعارضة إلى جانب حزب الاستقلال، وحزب الأصالة والمعاصرة، وهو، إن أردتم، تنسيق سياسي لم تكن سماته بارزة بالشكل الذي توجد عليه اليوم، إذ تمكنا منذ انسحابنا من الحكومة، من ضخ نفس جديد في عمل المعارضة، وظهرت علامات التنسيق بارزة على عملها، وهو أمر لم يكن قائما قبل ذلك، ونقول بكل تواضع إن لنا يدا في ذلك، وهو ما نعتز به.

ولست هنا في حاجة على تذكير قرائكم الأفاضل أننا كمعارضة، قد بادرنا إلى مراسلة رئيس الحكومة بالجلوس مع الأحزاب السياسية للتحضير للانتخابات في بداية سنة 2020، وكان لنا الفضل في صياغة مذكرة مشتركة بشأن الانتخابات المقبلة، والعديد من البيانات المشتركة التي أصدرناها كأحزاب المعارضة، كان آخرها البيان الأخير الذي أصدرته قيادات أحزابنا في 24 أبريل الماضي، بشأن مخلفات الأزمة الناتجة عن جائحة كوفيد 19، وعبرنا فيه على مواقفنا المبدئية والمشتركة، من متطلبات المرحلة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وسبل بناء الثقة.

لقد تمكنا فعلا كمعارضة وطنية من تنشيط النقاش العمومي، وملء الفراغ الذي خلفه غياب التواصل الحكومي وصراعاتها اللامتناهية، وراكمنا مجموعة من المنجزات السياسية المهمة من حيث المقترحات والأفكار، بعضها لقي فعلا طريقه إلى التنفيذ، وما يسجل لنا كمعارضة، هو غياب الخلافات بيننا، وأؤكد لكم أن قياداتنا تلتقي بشكل منتظم، وتنسق مواقفها في مختلف القضايا، ونأمل أن يتعزز هذا التنسيق في القادم من الأيام، من خلال مبادرات سياسية تساهم في إعادة الثقة للعمل السياسي، وتعزيز المشاركة السياسية في الانتخابات المقبلة.