بمناسبة اليوم العالمي للعمال، فاتح ماي 2024، برمزيته الأممية الكبيرة ودلالته النضالية العميقة، يتوجه حزبُ التقدم والاشتراكية إلى كافة الطبقة العاملة المغربية بالتحية العالية على مجهوداتها الجبارة وتضحياتها المتعددة في سبيل تقدُّمِ بلادنا وازدهار شعبنا والدفاع عن القضايا الحيوية لوطننا، وفي مقدمتها مسألة توطيد الوحدة الترابية لبلادنا.
وإذ يُحيِّي حزبُ التقدم والاشتراكية الطبقةَ العاملة في كل بِقاع العالَم بِعيدها الأممي المجيد، فإنه يُعربُ عن تضامنه مع نضالاتها وتطلعاتها المشروعة نحو الكرامة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والسلام.
ويتوجه الحزب، تحديداً، إلى العاملات والعمال في فلسطين الصامدة، وإلى كل أفراد الشعب الفلسطيني الشقيق التَّـــوَّاقِ إلى الحرية والانعتاق، ليؤكد تضامنه المُطلق مع القضية الفلسطينية العادلة، وليعبر عن إدانته الشديدة لجرائم الحرب التي يُواصل اقترافها الكيان الصهيوني على مرأى ومسمع العالَم. ويُطالبُ الحزبُ بتحرُّكٍ عالمي وعربي ناجع من أجل الإيقاف الفوري لهذا العدوان الصهيوني الغاشم، بأفق تمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه الوطنية المشروعة.
وبهذه المناسبة، يتوقف حزبُ التقدم والاشتراكية عند الأدوار الأساسية للطبقةُ العاملة المغربية وعموم الكادحين في المسلسل المتواصل للدفاع عن حوزة الوطن، وتوطيد الوحدة الترابية في أقاليمنا الجنوبية الصحراوية، والسعي نحو استكمالها باسترجاع سبتة ومليلية وباقي الثغور المحتلة، وفي مواجهة جميع مؤامرات أعداء وحدتنا الترابية، والسعي إلى إقرار الطيِّ النهائي لهذا النزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية.
كما يتوقف الحزبُ عند الإسهام الأساسي للطبقة العاملة في إنتاج الثروات وتلبية مختلف الحاجيات المادية وغير المادية للمجتمع. ويتوقف أيضاً عند المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة المغربية على مدى عقودٍ من كفاحها، ويُعربُ عن مساندته لمطالبها وانتظاراتها المشروعة، ماديا واجتماعيا ومهنيا وحقوقياًّ.
ويستحضر، هنا، حزبُ التقدم والاشتراكية، السياق الدولي، الذي يُرخي بظلاله وتأثيراته على بلادنا، إنه سياق صعبٌ تطبعه الاضطرابات واللايقين والتضخم والركود والنزوع نحو الانغلاق وتصاعد النَّزعات اليمينية والنيو ليبرالية. كما أنه سياق تؤدي ثمنه، في المقام الأول، الطبقةُ العاملة والكادحون والمستضعفون وعموم الجماهير الشعبية.
ومن المؤشرات المقلقة للأوضاع الاجتماعية، والتي تُـــفَـنِّــدُ في الواقع خطابَ الارتياح لدى الحكومة: التدهور الخطير للقدرة الشرائية؛ والغلاءُ الفاحش والمتواصل لأسعار معظم المواد الاستهلاكية والخدمات؛ وبلوغ معدلات البطالة أرقاماً قياسية؛ وتفقيرُ ملايين المنتمين إلى الطبقة المتوسطة؛ وتسريح عشرات الآلاف من العمال من جرَّاء إفلاس آلاف المقاولات، والهجوم على الحريات النقابية وحقوق العمال، وتدهور ظروف العمل؛ والميْل نحو تفكيك المرفق العمومي والخدمة العمومية في ميادين حيوية كالماء والكهرباء والصحة والتعليم.
إنَّ حزب التقدم والاشتراكية، انطلاقاً من موقعه الاجتماعي المدافِع عن الطبقة العاملة والفئات المحرومة وعموم المواطنات والمواطنين، بما يجعله واضِعاً المسألة الاجتماعية في قلب مشروعه المجتمعي ومُعتَبِراً الإنسانَ محوراً للتنمية؛
ليُذكِّرُ ويؤكد على مواقفه ونداءاته التي عبر عنها، بشتى الطرق، طوال سنتين ونصف من عمر الحكومة الحالية، لأجل أن تتخذ الحكومةُ إجراءاتٍ اجتماعية قوية لدعم القدرة الشرائية للمغاربة عموماً والأُجراء تحديداً، والتخلي عن المقاربات المحساباتية الضيقة، وتجنُّبِ الانتصار للوبيات المالية، والتوفيق الخلاق بين التوازنات الماكرو اقتصادية والتوازنات الاجتماعية، وتوفير السيادة الغذائية والطاقية والدوائية، والمكافحة الفعلية للريع والفساد والرشوة وتضارب المصالح.
وسيظل حزبُ التقدم والاشتراكية ثابتاً على هذا النهج الاجتماعي، انطلاقاً من إيمانه الراسخ بأن الاستجابة للمطالب المشروعة للعمال وتحسين ظروفهم المعيشية هو ضرورة حيوية، بالنظر إلى ما يكتسيه ذلك من أهمية على المستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعلى مستوى تقوية الاقتصاد الوطني وإنتاجيته وتنافسيته، وعلى صعيد توطيد السلم الاجتماعي وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية لبلادنا.
على أساس ذلك، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية، بمناسبة فاتح ماي 2024:
يسجل إيجاباً مضامين الاتفاق الاجتماعي ل 29 أبريل 2024، ويهنئ الطبقة العاملة المغربية، وخاصة في القطاع العمومي، على المكاسب التي تَــمَكَّـــنَت من انتزاعها من الحكومة على مستوى التحسين الطفيف للدخل بالنظر إلى الارتفاع الهائل لمعدلات التضخم، وذلك بعد سنتيْن ونصف من التعنُّــت الحكومي، وبعد سنتين على اتفاق 30 أبريل 2022 الذي لم تلتزم به الحكومة؛
يُحذر الحكومة من استخدام منطق مُقايضة المكاسب الحالية للأجراء بمحاولة تمرير أيِّ صيغٍ لقانون الإضراب أو لإصلاح منظومة التقاعد يكونُ فيها مساسٌ بالحقوق النقابية للأجراء، أو بقدرتهم الشرائية، أو بوضعياتهم المادية بعد التقاعد؛
يُطالب الحكومة بالحرص على تنفيذ الاتفاق الاجتماعي الحالي، وتشجيع المفاوضات والاتفاقيات الجماعية، والنهوض بالحوار الاجتماعي المنتج للحلول قطاعيا وترابيا؛
يطالب الحكومة باتخاذ إجراءاتٍ اجتماعية ملموسة الأثر، كالرفع من قيمة المعاشات؛ وملاءمة دخل الأجراء مع معدلات التضخم؛ ومراقبة وضبط الأسعار؛ واستعمال الوسائل التنظيمية والجمركية والضريبية والمداخيل الإضافية من أجل حماية القدرة الشرائية للمغاربة عموماً والأجراء تحديداً؛
يطالب الحكومة بتقديم مشروع قانونٍ لتأطير ممارسة الحق الإضراب، استناداً إلى الدستور ووفق مقاربة تشاركية حقيقية، بما يضمن الحريات النقابية للعمال؛
يؤكد على أن إصلاح منظومة التقاعد يتعين أن يكون إصلاحاً شاملاً وناجعاً، وألاَّ يكون على حساب المكتسبات والحقوق الاجتماعية والأوضاع المادية للأجراء؛
يَدعو الحكومة وأرباب العمل إلى تحسين ظروف الشغل في فضاءات العمل، وإلى تعزيز أدوار العمال داخل المقاولة، والتقيُّد التام بقانون الشغل؛
يُطالبُ الحكومة بالانكباب الجدي والمسؤول على معضلة البطالة التي تفاقمت في عهدها بشكلٍ مهول، من خلال إبداع بدائل ناجعة، بعيداً عن اللجوء إلى مكاتب الدراسات، طالما أن الأمر يتعلق بتدبير سياسي للشأن العام يتطلب رؤيةً وكفاءةً سياسيتين وليس إلى خبرة تقنية؛
يُطالب الحكومة ببلورة مخطط فعال للإنعاش الاقتصادي يقوم على تطوير حقيقي لتصنيعٍ حديث ويَحترمُ البُعد الإيكولوجي، وبإجراء الإصلاحات الضرورية لتقوية النسيج الاقتصادي والمقاولاتي الوطنــي، ولا سيما التحسين الفعلي لمناخ الأعمال؛ وإعمال دولة القانون في المجال الاقتصادي؛ والمحاربة الحقيقية لتضارب المصالح وللمنافسة غير المشروعة؛ وتنقية شروط الولوج إلى الصفقات العمومية؛ ومعالجة الهشاشة في الشغل والعمل الناقص؛ والإدماج التحفيزي للقطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي؛ وبلورة مخطط استعجالي للحد من إفلاس المقاولات؛ ومعالجة العراقيل التي يواجهها الاستثمار المنتج؛
يُطالبُ الحكومة وأرباب العمل بتحمُّل المسؤولية في الإقرار الفعلي للمساواة التامة بين النساء والرجال، اقتصاديا واجتماعيا ومهنيا؛
يؤكد أن معركة الطبقة العاملة في سبيل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية تلتقي تماماً مع المعركة من أجل توطيد البناء الديموقراطي الوطني الذي يستلزم نَفَساً جديداً قوامه التفعيل الكامل للدستور، والنهوض بمكانة الأحزاب السياسية والنقابات العمالية وباقي الوسائط المجتمعية؛ وتوسيع فضاء الحريات الفردية والجماعية، والنهوض بالديموقراطية التشاركية والديموقراطية الترابية؛ من أجل استعادة الثقة والمصداقية في الحقل العمومي ومُصالحة المواطنات والمواطنين مع الشأن العام؛
يستحضر، بتقديرٍ كبير، تضحياتِ العمال المغاربة في المَهجر، ويُحييهم على تعلقهم بوطنهم المغرب ومساهمتهم في تنميته ودفاعهم عن قضاياه الحيوية؛
يُــوَجِّهُ تحيتَهُ الأخوية إلى جميع العمال الأجانب المُقيمين ببلادنا، ويَعتبرهم جزءً من الطبقة العاملة المغربية الكادحة؛
يُعرب عن تضامنه الكامل مع النضالات المشروعة للشعوب التي تناضل من أجل التحرر والديموقراطية والسلم والنماء والكرامة والعدالة الاجتماعية. كما يتضامن مع كفاحات الطبقة العاملة عالميا في مواجهة السياسات النيو ليبرالية التي تهدف إلى الإجهاز على الخدمات العمومية وحقوق الأجراء، وإلى تفكيك الأنظمة الاجتماعية، وذلك مع نهج الاستغلال البشع للموارد الطبيعية والإضرار الجسيم بالبيئة؛
يدعو كافة مناضلات ومناضلي الحزب إلى المشاركة المكثفة في احتفالات ومسيرات فاتح ماي 2024، عبر كافة ربوع الوطن، لتكون هذه المناسبة محطة نضالية وتضامنية قوية.
عاش فاتح ماي؛
عاشت الطبقة العاملة المغربية مناضلة ومتحدة؛
عاش المغرب حرًّا قًّويا، مستقلا وديموقراطيا؛
عاش السلام والتضامن بين الشعوب.
حُرِّر بالرباط، في يوم 30 أبريل 2024