كلمة النائب رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الديمقراطي في الجلسة العامة المخصصة للتصويت على مشروع قانون تنظيمي رقم 111.14 يتعلق بالجهات

0

-الجمعة 8 ماي 2015-

rachid roukbane gpdالسيدان الوزيران المحترمان،

السيد الرئيس المحترم ،

السيدات والسادة النواب،

قبل الخوض في مضامين مشروع القانون التنظيمي، وما ارتبط به من سياقات سياسية،من الضروري، والحال أن مشروع الجهوية المتقدمة أحد المداخل الأساسية للمقترح المغربي المتعلق بقضية وحدتنا الترابية،لابد أن نتطرق لمستجدات قضية الصحراء المغربية، على ضوء المقرر الأخير الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، والذي جدد على وجه الخصوص، تقدير هذه الأخيرة الصريح لمقترح بلادنا المتعلق بالحكم الذاتي في نطاق السيادة المغربية، إضافة طبعا إلى التنويه بجهود المغرب في مجال حقوق الإنسان،والإشارات القوية الأخرى المتعلقة بالإلحاح بقوة على ضرورة أن تفسح الجزائر المجال لتسجيل سكان مخيمات تندوف .

وإذ نسجل إرتياحنا لمضامين هذا المقرر الهام، فإننا نعتبره انتصارا آخر لبلادنا في معركة الدفاع عن الوحدة الترابية للملكة، ونتاجا طبيعيا للموقف الوطني الحازم والتوجه الدبلوماسي الصارم، الذي عبرت عنه بلادنا بقيادة جلالة الملك محمد السادس، في مناسبات ومحافل مختلفة خلال الفترة الأخيرة .

كما نثمن كون القرار الأخير صدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن مع ما لقيه من دعم وترحيب من قبل القوى الفاعلة في المنتظم الأممي،وخاصة القرار الداعم لموقف بلادنا الصادر عن البرلمان الأوربي في موضوع إحصاء ساكنة مخيمات تندوف .

ونجدد بالمناسبة تأكيدنا على أن الربح النهائي لقضية وحدتنا الترابية،سيأتي لامحالة أيضا، من خلال تمتين الجبهة الوطنية الداخلية،وتحقيق التقدم اللازم في مسارات البناء الديمقراطي والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

ووجب التنبيه إلى أن كل ذلك يجب أن يحفزنا أكثر على التحلي بمزيد من الحذر واليقظة تجاه مناورات خصوم وحدتنا الترابية وردود أفعالهم التصعيدية .

نحن في إطار جلسة عامة للتصويت على القانون التنظيمي المتعلق بالجهات،  لايسعنا إلا  أن نثمن المسلسل التشاوري، الذي هم مشاريع القوانين التنظيمية  ذات الصلة، منذ حوالي سنة، والذي تميز منذ البداية، وبتعليمات ملكية سامية، بوضع هذا المسلسل تحت سلطة الإشراف السياسي لرئيس الحكومة بمعية وزيري الداخلية والعدل والحريات.

ذلك أنه من المهم جدا أن يكون قد تم الإستناد إلى المقاربة التشاركية في إعداد هذه المشاريع التي تعد بمثابة هندسة ترابية جديدة تقوم على جعل الجهة تحتل موقعا جوهريا وأساسيا في البناء المؤسساتي للبلاد.

 

لم يتبق إذن، إلا حوالي عام ونصف أمام الحكومة الحالية، المنبثقة من صناديق الاقتراع لإتمام ولايتها، والتي لا يمكن ديمقراطيا، إنهاؤها إلا بنتائج منبثقة من صناديق الاقتراع.

ونحن في فريق التقدم الديمقراطي وفي حزب التقدم والاشتراكية، نشدد على أنه لا مجال لتضييع الوقت في الصراعات الهامشية والجدل العقيم،بل يتعين استثمار الفترة المتبقية لمواصلة  العمل الجماعي،وتغليب روح التوافق الوطني، واعتماد المقاربة التشاركية،من أجل إنجاح الأوراش الديمقراطية والتنموية الكبرى، وهو ما يعني  بالأساس ربح رهان إخراج  القوانين التنظيمية قبل متم الولاية التشريعية الحالية .

وفيما يخص التطورات، دائما في إطار السياق، تطورات المشهد السياسي الوطني، نؤكد حرص فريقنا وحزب التقدم والاشتراكية، على تقديم الصورة اللائقة بالممارسة السياسية النبيلة والخطاب السياسي النبيل والسليم، وعلى عدم السقوط تحت أي مبرر، في فخ الزج بالسياسة إلى مستوى قد ينفر المواطنين ويفقدهم الثقة في الفاعل السياسي .

وصلة بهذا الموضوع ،نسجل بأسف وبقلق بالغ، ما آلت إليه الأوضاع والعلاقات والخطاب السياسي والحزبي من تشنج ينم عن محاولات غير محسوبة في افتعال أزمات، بلادنا في غنى عنها وعن آثارها.

وندعو إلى التحلي بروح الاحترام المتبادل، وتجنب شخصنة التنافس الديمقراطي المشروع، والإنكباب على المهام الرئيسية المنوطة بالفاعل السياسي، متمثلة بالأساس في بلورة البرامج والأفكار والمقترحات والدفاع عنها، والكفاح اليومي من أجل تنزيلها ،خدمة للوطن والشعب.

ومن هنا، يأتي إلحاحنا على ضرورة مواصلة الإصلاحات الكبرى ومباشرة الملفات الاجتماعية الأساسية، موازاة مع التحضير الجيد والإجراء الجاد للإستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي من الضروري أن تتم في وقتها، ووفقا للقواعد الديمقراطية السليمة المتعارف عليها دوليا، واعتبارا لكون احترام مواعيدها الدستورية، مبدأ يظل من صميم مبادئ احترام الديمقراطية .

في هذا الإطار العام، فإننا، في فريق التقدم الديمقراطي وفي حزب التقدم والاشتراكية،الذي سيخوض غمار الانتخابات القادمة، كقوة صاعدة،بطموح كبير، واستعدادات قوية، نعتبر أن الاستحقاقات الانتخابية، كل الاستحقاقات الانتخابية، يجب أن تتم في إبانها، أي لا بعد أوانها، ولا في شكل انتخابات سابقة لأوانها، ذلك لأن المغرب يعيش دورة ديمقراطية عادية، بمؤسسات قائمة ومشتغلة، وفي وضع عام ليس فيه ما يدعو إلى افتعال حالة استثنائية، وبالتالي فلا منطلق للتعاطي مع الموضوع، غير منطلق القاعدة التي لا استثناء لها وهي احترام المواعيد الانتخابية، كما أسلفت، هو من صميم احترام الديمقراطية والمؤسسات والمقتضيات الدستورية.

ارتباطا بهذا الموضوع، نعتبر بأن الظروف مهيأة ومواتية والحاجة ملحة، لإجراء الاستحقاقات الانتخابية وفق الأجندة المحددة،  هذه الانتخابات التي تعتبر ضرورة ملحة لاستكمال البناء الدستوري والمؤسساتي، وفق المقتضيات الجديدة الواردة في الدستور،والاستحقاقات القادمة، ينبغي أن يساهم  جميع الأطرف في نجاحها، لأنه  في نجاحها، نجاح للمغرب، ونجاح  لتعزيز المسار الديمقراطي ببلادنا.

أما ما يتعلق بالتعبير عن المواقف، حزبنا ظل  يعبر وسيعبر عن مواقفه بهذا الخصوص،كما هو الشأن بالنسبة لجميع القضايا المجتمعية سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.  سيظل يعبر بأريحية وبكل شجاعة ومسؤولية سياسية، اقتناعا منا بأهمية النقاش والتداول في كل الأمور، وبما يتطلب ذلك من  اللياقة  والاحترام ، والأدب السياسي، في احترام وتقدير كبيرين، لكل الهيئات والتنظيمات والمؤسسات.

نؤكد كذلك ، أن ربح رهان احترام الآجال ومواعيد  إجراء الانتخابات، يقتضي ضرورة بذل المزيد من الجهد  والتعاون بين  جميع  الفاعلين السياسيين، من أجل إخراج القوانين التنظيمية  أساسا والمرتبطة بالانتخابات المقبلة في آجالها القانونية وبالجودة المطلوبة .

واستحضارا لأهمية تغليب روح التوافق الوطني ونهج المقاربة التشاركية التي يتطلبها إعداد القوانين التنظيمية،  نسجل بإيجابية أن مشروع القانون التنظيمي للجهات استغرق وقتا مهما من التداول والنقاش بين الحكومة  ومختلف  الهيئات السياسية، والتي  قدمت بشأنه مذكراتها، وأخذت منها الحكومة العديد من الاقتراحات وضمنتها في المشروع الذي خضع للمناقشة والتدقيق والتعديل قبل إحالته على البرلمان، وبعد إحالته على البرلمان داخل لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، سواء من طرف مكونات الأغلبية، أو من قبل مكونات المعارضة، وكانت الفرصة سانحة أمامنا  جميعا لتجويد هذا النص.

لا يسعنا إلا أن نسجل، بإيجابية وارتياح، تجاوب الحكومة مع العديد من التعديلات التي نعتبرها مهمة ومؤسسة من قبيل:

–  شروط الترشح لرئاسة الجهة، أساسا حصرها  في رؤساء اللوائح .

– ربطها بضرورة حصول المترشح على تزكية الحزب، وهذا سيساعد في تقوية القرار الحزبي .

–  توسيع حالة التنافي بين رئاسة المجلس الجهوي مع مجموعة من المهام والمسؤوليات الأخرى.

– انتخاب الرئيس ونواب الرئيس في جلسة واحدة ، أي في نفس الجلسة.

–  ترجيح اللائحة التي يقدمها الرئيس في حالة تساوي الأصوات.

– تشكيل فرق ورئيس لها داخل المجلس الجهوي، وذلك سينظم طبعا عمل المنتخبين ويسهل عملية التنسيق بين الهيئات السياسية.

وغيرها من الإجراءات والمقتضيات التي نعتبرها مهمة ومتقدمة،طبعا تطرق إليها السادة الرؤساء قبل قليل .

لكن في المقابل، هناك مقتضيات تضمنها مشروع القانون التنظيمي، يحتمل أن يكون فيها نقاش دستوري أي يحتمل أن تعرف أو تكون محط أو محل ملاحظات من قبل المجلس الدستوري – كما  تعلمون  أن مشروع القانون التنظيمي سيحال وجوبا على المجلس الدستوري – ربما هناك أربعة نقط على الأقل، نقطة مفهوم التخلي،النقطة الثانية،المستوى الدراسي، النقطة الثالثة، التصويت العلني في انتخاب الرئيس،والنقطة الرابعة، المخططات والبرامج التنموية.

ما ورد في تعديل المادة 54 من المشروع، كون العضو المنتخب بالمجلس الجهوي يعتبر في وضعية تخل عن الحزب الذي ترشح بتزكية منه، إذا قرر هذا الحزب وضع حد لانتماء العضو المنتسب إليه ، أي أن طرد الحزب للمنتخب، يجعل هذا المنتخب ، في وضع التخلي، هو إجراء مهم، سيساعد على تقوية القرار الحزبي، سيساعد على الالتزام الحزبي، سيساعد على الانضباط الحزبي ، نحن معه ، ولكن نتمنى أن يصادق المجلس الدستوري على هذا المقتضى، لأنه بالفعل سيساهم بقوة في تخليق الحياة السياسية .

ما يتعلق بالمستوى الدراسي : فرق الأغلبية تقدمت بتعديل يحدد اشتراط مستوى دراسي للترشح لرئاسة الجهة  – عندنا 12 جهة – طبعا من غير المنطقي أن يترأس  إحدى الجهات فاعل سياسي غير متوفر على المؤهلات والشروط والكفاءة من اجل تدبيرها.  وقد تقدمنا بهذا المقترح ، مع ما يطرحه  دائما من إشكال دستوري ، هل هو مطابق للدستور، أم غير مطابق للدستور، خصوصا وأن الدستور ينص على مبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين، مستحضرين الدور الذي يمكن أن تلعبه الأحزاب السياسية في منح تزكياتها في من تريدهم أن يتشرحوا لرئاسة الجهات .

النقطة الثالثة، التصويت العلني :  التصويت العلني أيضا إجراء  مهم جدا ،واعتماده كطريقة لانتخاب الرئيس ستكون شفافة، حيث ستتم أمام مرأى الجميع، وحتى الأحزاب السياسية ستتمكن من مراقبة أعضاءها، وحتى المواطنات والمواطنون سيراقبون قرارات ممثليهم داخل المجالس. نتمنى بصدق أن يقر المجلس الدستوري  بدستورية هذه المادة،لان هناك تخوف من أن لا تكون غير مطابقة  لمقتضيات الدستور.

النقطة الرابعة : لازال لدينا الأمل بشأنها، ولازالت لدينا الفرصة لتداركها، – لأن الأشواط المتعلقة بالمصادقة على القانون التنظيمي لم تستكمل، وهناك مرحلة أخرى بمجلس المستشارين- الأمر يتعلق بالبرامج والمخططات ، إذ هناك تخوف مرة أخرى،حيث ينص الدستور،في المادة 145  بصريح العبارة على ما يلي :” يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية وخاصة رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية ” ينص على  المخططات والبرامج التنموية. لذلك اقترحنا تعديلا لإعتماد الإشارة إلى المخطط.طبعا لم نتمكن من الإقناع ، ونعبر عن تخوفنا، لان الدستور ينص بصريح العبارة على المخططات في الفصل 145 ، نتمنى أن لا تكون هناك ملاحظة من قبل المجلس الدستوري ،لأن مشروع القانون التنظيمي لم يتضمن ولو مرة واحدة،الإشارة إلى المخطط التنموي. أشار فقط إلى البرامج ولم يشر إلى  المخططات .

طبعا كانت لدينا بعض الاقتراحات تمنينا لو أخذ بها، أساسا ما يتعلق بتحسين تمثيلية النساء. ومرة أخرى مرجعنا هو الدستور في المادة 146 التي تنص على مايلي ” تحدد  بقانون تنظيمي بصفة خاصة أحكام تحسين تمثيلية النساء داخل المجالس المذكورة” نسجل بإيجابية أن قانون 59-11 أشار إلى نسبة الثلث كما تم إقرار مبدأ،السعي نحو تحقيق المناصفة في الترشيح لرئاسة اللجان، لكن في المقابل لم يقبل مقترح تخصيص رئاسة لجنة على الأقل – نحن قلنا في القانون توجد ثلاث لجان على الأقل، ثلث ثلاثة ، هو لجنة واحدة يعني التخصيص على الأقل في التناسب، بما أن المجلس ثلثه من النساء ،ربما تخصيص رئاسة لجنة على الأقل فيه نوع من الإنسجام وفيه إعمال أكثر لهذا المقتضى الدستوري . تمنينا لو أخذ بهذا الاقتراح ، لأنه علينا أن نثق في نسائنا، النساء أبن وبرهن على أنهن جديرات بالثقة .

وبهذه المناسبة ومن هذا المنبر أود أن أحيي السيدات النائبات المحترمات على أدائهن المتميز وحضورهن المكثف ومساهمتهن الدائمة والناجعة في الحياة النيابية . في كثير من الأحيان نجد المناصفة داخل  اجتماعات اللجان رغم أن نسبتهن من مجموع عدد النواب لا تصل إلى المناصفة .

ثم النقطة الثانية، هي ما يتعلق بجدول الأعمال:  تمنينا أن يكون هناك  توجه نحو  المزيد من  التوازن في ما يتعلق بضبط جدول الأعمال ومستويات التدخل بين السلطة وبين مجلس الجهة أو مكتب مجلس الجهة.

النقطة الأخرى، هي عدد الولايات : عدد الولايات حينما اقترحناها أي أن لا تتجاوز ولايتين متتابعة لرئيس الجهة، ودون اثر رجعي ، أي أن الشروع في العمل بهذا المقتضى لن يتم إلا بعد دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ ، بهدف  ضمان التداول على المسؤوليات، وإفساح المجال للنخب الجهوية والنخب الحزبية،وهي نقطة مطروحة للمستقبل.

رغم هذه الملاحظات، واستحضارا للمضامين الايجابية الكثيرة والمتعددة،المتقدمة،والمجهود التشاوري الكبير، والتفاعل المهم مع التعديلات المقدمة،خاصة التعديلات ذات الطابع الجوهري ، إذ أن هناك العديد من التعديلات  جوهرية تم التفاعل معها بالإيجاب  خلال مختلف المراحل التي قطعها المشروع .

لابد أن نحيي الحكومة على المجهود الذي بذلته، ومن خلالها السيدين الوزيرين المحترمين، واطر وزارة الداخلية، على الجهد الكبير والاستماتة، من اجل إخراج  هذا المشروع في الحلة المنتظرة .

ولابد أيضا ونحيي الفرق النيابية أغلبية ومعارضة على تمكننا من قطع هذا الشوط  الهام من أشواط ورش استكمال البناء الديمقراطي والمؤسساتي والدستوري الوطني .

وطبعا فريقنا سيصوت بالموافقة على مشروع القانون التنظيمي للجهات .

شكرا