المقرر الصادر عن الدورة السابعة للجنة المركزية لحزب التقدم و الاشتراكية

0

cc-7-ppsعقدت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية دورتها السابعة يوم الأحد 30 أكتوبر 2016 بسلا وخصصت أشغالها لدراسة مستجدات الحياة السياسية الوطنية على إثر الانتخابات التشريعية ليوم 7أكتوبر2016. وقد قدم الأمين العام للحزب، الرفيق محمد نبيل بنعبد الله، التقرير الذي أعده المكتب السياسي والذي تمت مناقشته من طرف أعضاء وعضوات اللجنة المركزية والمصادقة عليه.

لقد شكلت الانتخابات التشريعية محطة حاسمة باعتبارها معركة جديدة في مسار بلادنا وشعبنا، من خلال إرساء أسس متينة لمغرب الحرية والمساواة والكرامة مغرب المؤسسات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في كنف السلم والأمن والأمان. كما كانت هذه الاستحقاقات التشريعية الثانية بعد إقرار دستور 2011، امتحانا للمسار الديمقراطي بمختلف تجلياته، ومناسبة لتقديم الحساب من طرف السلطتين التشريعية والتنفيذية، بعد ولايتها الأولى تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة والرضوخ  إلى كلمة الشعب وإرادته الفاصلة عبر صناديق الاقتراع.

cc-7-pps-2ويعبر حزب التقدم والاشتراكية، بهذه المناسبة، عن إعتـزازه بمساهمته بدون كلل، ومنذ أن وجد، في تطوير المسلسل الديمقراطي في بلادنا، ويسجل بناء على ذلك بكل إيجابية وارتياح احترام مقتضيات الدستور في إجراء هذه الاستحقاقات التشريعية في موعدها، معززة كسابقاتها الطابع المنتظم للحياة المؤسساتية الوطنية والجهوية والمحلية، ومضيفة بذلك لبنة أخرى في رصيد تراكمات المسيرة الديمقراطية المغربية التي مازال أمامها آفاق رحبة للتطور والتقدم وتعزيز مناعتها.

كما ظهر ذلك جليا من خلال ضعف المساهمة في التصويت وما واكب العملية في مجملها من تصرفات وخروقات مدانة تذكرنا بمرحلة من تاريخ بلادنا كنا نعتبرها  ذهبت بلا رجعة ولا يمكن أن نتصور وجودها في نظام سياسي عماده الاختيار الحر للمواطنات والمواطنين والمرتكز على سيادة الشعب كأساس لممارسة سلطات التشريع واختيار ومراقبة السلطة التنفيذية وإقرار وبلورة السياسات العمومية وانتقادها وتعديلها.

وتعتبر اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية أن التطورات والممارسات التي واكبت فترة الاستعداد للانتخابات والحملة الانتخابية تضع أمام كل الفاعلين الوطنيين، مؤسسات وأحزاب ومجتمع مدني ووسائل الإعلام والتواصل، مهام جسيمة ومسؤولية كبيرة في إنضاج التجربة المغربية الفتية والممارسة الديمقراطية، وذلك من أجل صيانتها من العبث والعنف والتضليل والابتزاز والسلوكات الإقصائية والتصادمية بعيدا عن روح التعايش بين الفرقاء السياسيين والتوافق والتباري النزيه والشفاف الذي ينبغي أن نسعى من ورائه للمصلحة العليا للوطن وصيانة حقوق الشعب في الحرية والكرامة والتقدم والعدالة الاجتماعية.

cc-7-pps-4لقد خرجت بلادنا والديمقراطية من هذا الامتحان منتصرتين، وفشل المشروع السياسي المبني على الإقصاء وافتعال المعارك الهامشية والخريطة السياسية والجزئية في هذه الاستحقاقات، إذ لم تبوئه إرادة الناخبين – رغم كل ما واكب ذلك – مكانة الصدارة في الحقل السياسي الوطني. إن الجنوح لفرض قطبية سياسية مفتعلة، والتـي تم الترويج لها بوسائل لم يشهد لها مثيل في حياتنا السياسية، و أريد لها أن تمحو أحزاب عريقة و متجذرة في المجتمع من الخريطة السياسية الوطنية. لم تفلح وإن ألحقت أضرارا بكل الأحزاب السياسية في الأغلبية والمعارضة، دون أن يتـراجع الحزب الذي يقود الأغلبية والحكومة والذي عزز دوره وعدد نوابه والأصوات المحصل عليها.

لقد واجه حزبنا بكل مسؤولية وتبصر وعزم تداعيات وأهداف هذا المخطط المناهض للمشروع الديمقراطي في شكله ومضمونه وللممارسة السياسية النظيفة والطبيعية والسوية المرتكزة على تأطير المواطنين وإشعاع الوعي السياسي لديهم وتعميقه من خلال أقناعهم بالأفكار والبرامج والمشاريع التنموية.  

وعبأ الحزب، من أجل ذلك، إمكانياته وطاقاته،  وقام بحملة واسعة شملت كل أطراف الوطن، ولقي تجاوبا لم يسبق له مثيل لدى أوسع فئات شعبنا، وشارك فيها عشرات الآلاف من رفيقاتنا ورفاقنا ومساندينا بحماس وتضحية، مساهمين بذلك في مسار نضالي تتعاقب فيه الأجيال من أجل الوطن والحر والشعب السعيد.

فتحية لكم ولكن، أيها المناضلات والمناضلين مرشحين ومرشحات مساندين ومساندات. فقد رفعتم لواء حزبنا وشعاره كتابا للمجد نُدَوِّنُ فيه عطاءاتنا لمغربنا الحبيب وشعبه الأبي. 

غيـر أن النتائج التي حصل عليها الحزب لم ترق إلى تطلعاتنا وأهدافنا المسطرة لهذه المعركة ولا إلى حجم الاستعداد والعمل الذي بذلناه على المستوى الوطني والمحلي رغم محدودية الإمكانيات المادية والبشرية والتنظيمية التي نتوفر عليها.

لقد شكلت هذه النتائج خيبة أمل لنا وصدمة، وعلينا أن نستخلص العبر منها وستكون لنا مناسبة للوقوف على كل وجوه التقصير والعجز والخلل والانحرافات التي تفسر هذه النتائج، انطلاقا من ذاتنا الحزبية، والقيام بالدراسة الموضوعية لأدائنا، وتقديم النقد الذاتي الضروري، واستخلاص العبر  من ذلك لتهييء الحزب للمعارك المقبلة المصيرية، حتى يتمكن من خلالها من أخذ المكانة التي تجعله يضطلع بدوره وأداء المهام التي خلق من أجلها على أحسن وجه.

إن فوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى، بعد أن قاد التجربة الحكومية في الولاية الأولى، يفتح أمام البلاد إمكانية مواصلة وتعميق مسار الإصلاح. لقد ساهم حزبنا في إنجاح هذه التجربة المتميزة وبصمها بقوة، من خلال عمل فريقه الوزاري وفريقيه البرلمانيين في مجالات   التشريع، وتحديد وبلورة السياسات العمومية، ومباشرة إصلاحات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية.

cc-7-pps-5ومازالت تنتظر بلادنا مهام نعتبر أن الظروف مواتية لمواصلتها ومواصلة تبعا لذلك هذا النهج وتعزيزه وتعميقه والإسهام في تطبيق البرامج التي بدأناها والبرامج التي عرضناها على الشعب. 

وبهذا التراكم، وبهذه الروح التي عملنا بها في الولاية السابقة مع تعزيزها بمتانة تحالف حكومي، في وفاء وانسجام وتضامن بين كل أطرافه، قاعدته برنامج حكومي وميثاق سياسي وأخلاقي للأغلبية، تقرر اللجنة المركزية مشاركة حزب التقدم والاشتراكية في الحكومة التي عين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، السيد عبد الإله بنكيران رئيسا لها، وعهد له بتكوينها، ويكلف من أجل ذلك المكتب السياسي والأمين العام بإجراء كل والاتصالات والمشاورات والخطوات الضرورية، آخذين بعين الاعتبار دقة المرحلة وتراكماتها، وواضعين فوق كل اعتبار مصلحة الوطن وانتظارات المواطنين، التي تم التعبير عنها بقوة وتضمنها برنامج حزب التقدم والاشتراكية كجزء لا يتجزأ من هويته الوطنية والديمقراطية والتقدمية، حاملا منذ أكثر من 7 عقود مشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية والاجتماعية، كما يؤطرها دستور المملكة، دولة الحرية  والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية.

وتهيب اللجنة المركزية بهذه المناسبة بكل أعضاء الحزب وتنظيماته بالالتفاف، بكل عزم تفاؤل ووحدة، حول حزبنا العتيد، والدفاع المستميت عنه، بانضباط واع وقوي، وبالعمل الدائم  على توسيع قاعدته الشعبية وتنظيماته القاعدية وروابط النضال والتضامن مع الجماهير الشعبية، دفاعا عن مصالحها وقضاياها العدالة، ليبقى حزبنا،  كما  أراده رواده والأجيال المتعاقبة من مناضلاته ومناضليه، طليعة لهذا الشعب، مخلصا له ومدافعا عن حقوقه.

سلا 30 أكتوبر2016