كلمة محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

 

معالي السيد سفير دولة فلسطين الشقيقة، الأخ العزيز جمال الشوبكي؛

الإخوة الأعزاء السفراء؛

الإخوة الأعزاء في الأحزاب الوطنية؛

الأخ العزيز رئيس الجمعية المغربية لدعم كفاح الشعب الفلسطيني والإخوة الأعزاء أعضاء المكتب؛

الأخ العزيز رئيس مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين؛

الأخوات والإخوة والأصدقاء الأعزاء؛

هذه، ولا شك، لحظةٌ ذاتَ رمزيةٍ ودلالاتٍ عميقة، حيث نلتقي، هنا والآن، لنُجَدِّدَ العهدَ والوفاء والالتزامَ إزاء قضيتنا الفلسطينية العادلة. بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مع أنَّي على يقين من أنه، في ظل الظروف الحالية، كلُّ واحدٍ منا يتمنى لو كان بيده تقديمُ أكثر من الكلمات لشعبٍ يسعى الكيانُ الصهيوني، بكل الوسائل القذرة والوحشية، إلى إقبار قضيته وإنكار حقوقه وطمسِ هويته ومَحْوِ وجوده.

لكن هذا الكيانَ المتغطرس لا يستوعبُ أن القضايا العادلة للشعوب لا تتقادم…. ولا تموت. ولا يستوعبُ أنَّ المقاومةَ هي مقاومةٌ متجذرةٌ في وجدانِ شعبٍ مظلومٍ بأكمله تُنتهَكُ حقوقهُ منذ 76 سنة كاملة.  كما لا يستوعبُ أنَّ حربَهُ القذرة والظالمة مَهْمَا اشتدت فهي لن تزيدَ الشعبَ الفلسطيني، بأجياله الحالية واللاحقة، سوى تشبثاً بأرضه وحقوقه.

الأخوات والإخوة؛

اسمحوا لي، في هذا اللقاء النضالي، أن أنقُلَ إليكم التأكيدَ الثابتَ والقوي لكافة مناضلاتِ ومناضلي حزبِ التقدم والاشتراكية على التضامن المطلق واللامشروط، مع شعبنا الفلسطيني الشقيق، الصامد والمقاوِم، وهو يَــــــجتازُ منذ أزيدَ من عامٍ أحلكَ المِحنِ المــــــــــُرَوِّعَة التي يَعجِزُ اللسانُ عن وصْفِها، على مرأى ومسمعِ العالَم، بما يُشكِّلُ وصمةَ عارٍ على جبينِ الإنسانية جمعاء، وأساساً على مرتكبي جرائم حرب الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، الصهاينة، الملطخة أيديهم بدماء الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين الأبرياء.

وستظل مساندتُنا للشعب الفلسطيني قائِمةً وراسخةً، حتى انتزاع جميعِ حقوقه الوطنية، المشروعة والمهضومة، وفي مقدمتها حقه في الوجود، وفي التحرر والسلام والكرامة والعدالة، وحقه في العودة، وفي بناءِ دولته المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس.

وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نشيد بالرسالة التي وجَّهَها جلالةُ الملك محمد السادس إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة، بمناسبة هذا اليوم التضامني العالمي، وما حملته، على الخصوص، من تضامنٍ كامل ودعمٍ لا مشروط للشعب الفلسطيني في المِحَن التي يجتازُها، ومن تنديدٍ بالعدوان المتواصل عليه، ومن نداءٍ إلى المنتظم الدولي للعمل على الإيقاف الفوري للحرب، ومن تأكيدٍ على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

الأخوات والإخوة؛

إن ما يحدث اليوم في الأراضي الفلسطينية، وتحديداً في غزة، من تهجيرٍ، وتقتيل، وتدميرٍ، وتجويع، ومن حرقٍ للناس وهمْ أحياء، ومن إعداماتٍ واغتيالات للقيادات السياسية المقاوِمة، ومن منعٍ للمساعدات

الإنسانية، ومن قصفٍ همجيٍّ للاجئين في ساحات المستشفيات والمدارس المُدَمَّرَة؛ كُلُّهُ وغيرُهُ تَجَاَوز كل الحدود، في انتهاكٍ صارخ وتَــــــحَـــدٍّ مارِق لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية، من قِبَلِ الكيان الصهيوني المجرم. فتحوَّلَت الآن غزة إلى خرابٍ. ومن تبقى من ساكنتها يعيشُ أزمةً إنسانية تتفاقمُ يوما بعد يوم. وهذا أمر مهوِلٌ لا يمكن تبريره، ولا يمكن لأيِّ ضميرٍ حيٍّ أن يتعايش معه، لما يشكله من كارثةٍ إنسانية وسياسية وقانونية وأخلاقية، لم يَشهد لها العالَمُ مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية.

فكيفَ لأمريكا وبعض الدول التي تسمي نفسها “العالَم الحر والديموقراطي والحقوقي” أن تَقبَلَ بِــــهكذا وضع، أو أن تبرره، والأدهى أن تدعمه، بالسلاح والمال، وبالدعاية المضلِّلَة لأسطورة الدفاع عن النفس ولرواية السابع من أكتوبر 2023!؟ وكأن القضية الفلسطينية لم تُولد سوى في هذا اليوم….. إنها أبشعُ محاولةٍ لتزوير الحقائق والوقائع …والتاريخ.

لقد سقطت الأقنعة، اليوم، إذْ بشهاداتٍ هيئاتٍ دولية وقراراتٍ أممية، فالأمر يتعلق بجرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية، لا غُبار عليها، ليس بالتوصيف السياسي فقط، بل بالتكييف القانوني كذلك.

وهي فرصة لنجدد نداءنا إلى المنتظم الدولي، وكل دول العالَم، من أجل السعي الجَادّ، وبكل الوسائل الممكنة، نحو تنفيذ القرار الشجاع والسليم للمحكمة الجنائية الدولية، المعبِّر عن صمود صفِّ العدل والحق في مواجهة دُعاة المساندة المطلقة والدعم اللامشروط لجرائم الكيان الصهيوني، والقاضي بإصدار مذكرتيْ اعتقالٍ في حقِّ رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، تفعيلاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتحقيق العدالة للضحايا.

كما ننادي المجتمع الدولي وكافة الدول، ومن ضمنها بلادنا، من أجل العمل على تعميق عزلة الكيان الصهيوني، وتجميد عضويته في الأمم المتحدة، وفرضِ عقوباتٍ مشدَّدَةٍ عليه، ووقفِ الدعم العسكري والإعلامي والمالي عنه، وإقرار المقاطعة التجارية والاقتصادية ضده، ووقف جميع أشكال التطبيع والعلاقات والتعاون مع هذا الكيان الذي يقودُهُ مجرمو حرب، إلى أن يتم إيقاف حربِ الإبادة الجماعية في فلسطين وإقرار كافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

وبهذا الأفق، يتعين على المنتظم الدولي تحمُّل مسؤولياته الفورية في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وإيقاف المجازر الشنعاء والجرائم البشعة التي يُواصل ارتكابَها الكيانُ الصهيوني في حقِّ الشعبِ الفلسطيني الأعزل.

كما أنها مناسبة لنؤكد على أن الكيان الصهيوني مُلزَمٌ باحترام السيادة اللبنانية، وباحترام اتفاق وقف إطلاق النار بلبنان، والذي تمَّ التوصل إليه بعد شهورٍ من العدوان، دون أن يحقق العدّو أهدافه الدنيئة، ولن يحققها لا في لبنان ولا في فلسطين، بكل تأكيد.

غير ذلك، فإن الاستمرار في التَّـــــــــــــــفَـــــــرُّج على هذه الحرب البشعة، وبالأحرى دعمها، هو خيانة لمبادئ الإنسانية والعدالة التي لم يعد بالإمكان أن تنتظر أكثر. فالتاريخُ يراقب الجميع، وسوف يَحكُمُ على مواقف وأفعال الجميع.

الحضور الكريم؛

نتذكَّر أنه قبل سنواتٍ قليلة، كان الاهتمامُ بالقضية الفلسطينية على الساحة الدولية قد تراجَع. واليوم، علينا الارتكازُ على هذا التضامن العارم، وعلى هذا الوعي المتزايد، دوليا، بالطبيعة الإجرامية والإرهابية للكيان الصهيوني، وذلك من أجل إحراز التقدُّم اللازم، حيث لا سلامَ مستدام في العالَم، ولا سلام في المنطقة، دون أن يحظى الشعبُ الفلسطيني بحقوقه كاملةً.

في هذا السياق، يكمُنُ دورُنا، كفعاليات مجتمعية، من أجل إبراز عدالة القضية، والترافع حولها، وتفنيدِ الحكايات والأساطير الصهيونية، في كل المحافل، ولدى كل الأجيال، وبكل الوسائل. 

وفي بلدنا المغرب، لا يسعنا سوى أن نُشيد بكل التعبيرات التضامنية المتواصلة، مع الشعب الفلسطيني. وذلك ليس غريباً على مجتمعنا، رسميا وشعبيا، الذي يضعُ القضية الفلسطينية في مرتبة قضيةٍ وطنية.

ولن يفوتني، هنا، التأكيدُ على أنَّ عزمنا على مواصلة الكفاح من أجل فلسطين ودعمها، لا يضاهيه سوى صدقُ مناشدتنا كافةَ القوى الفلسطينية المناضلة من أجل وحدة الصف، في كنف السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، تمتيناً للجبهة الداخلية، من أجل قطع الطريق أمام المحاولات الصهيونية لخلط الأوراق واللعب على حبل الخلافات غير الــــمُجدية.

وفي الختام، لا يسعني سوى أن أقول: إشتدِّي أزمةً…. تنفرجي.

ولْنَقُمْ بما يلزمُ، كلُّ من موقعه، من أجل شعبِ فلسطين، من أجل الإنسانية، من أجل المستقبل، من أجل السلام والعدالة، من أجل التاريخ، من أجل الحق.

فليس مصيرُ الباطلِ سوى أن يكون زهوقاً.

شكراً لكم.