كلمة تأبينية في وداع المناضل الراحل أحمد خوخو ألقيت بمقبرة مكناس يوم الأربعاء 15 يناير 2025 من طرف الرفيق مصطفى عديشان ، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية.
الله اكبر .. الله أكبر .. الله اكبر
أفراد أسرة وعائلة رفيقنا الراحل أحمد خوخو ،وأصدقائه ومعارفه
الإخوة في الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبي بمكناس
رفيقاتي ورفاقي؛
اسمحوا لي بداية أن أتقدم لكم جميعا بالتعازي الحارة للرفيق محمد نبيل بنعبد الله ، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الذي حالت ظروف قاهرة بينه وبين الحضور بيننا ، وأتقدم أيضا بتعازي رفيقاتكم ورفاقكم بالمكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب .
فقيدنا الشهم أحمد خوخو:
من أين لنا بكل هدا الصبر على هذا الحزن، ومن أين لنا أن نجمع قوانا على هذا الوداع الأخير، ، رفيقا كنته حقا للجميع ، وصديقا وأخا ، وأحد القياديين لحزبنا ، المتبصرين السابقين لزمانهم ، وفاء لمنهج تحليل الوقائع والأحداث ، منهج مدرسة الأوفياء في حزبنا. ، حزب التقدم والاشتراكية .
ونحن إذ نودعك يا أحمد في هذه الايام التي يحتفي فيها الشعب المغربي بالسنة الأمازيغية، نتذكر نضالك ودفاعك المستميث عن فئات عريضة من الأمازيغ الذين هضمت حقوقهم في اقليم أفران ،وصمودك من أجل استرجاع أراضيهم ،وفضحك لممارسات الخصوم في جريدة الحزب ، مدعوما بترافع الفقيد علي يعته داخل قبة البرلمان ..
ونتذكر ترافعك المستميث عن الهوية المغربية المتعددة الروافد ، وكم نحن في حاجة إلى مزيد من طروحاتك حول كيفية تحويل هذه الاحتفالات إلى مزيد من المكاسب والحقوق لكافة فئات شعبنا .
والحال ان الظرف لا يسمح في تعداد سيرتك الذاتية المليئة بالعطاء والنضال، حيث ستكون لنا مناسبات لذكرها، انما نقول لك ان الألم سيظل يعتصر قلوب رفيقاتك ورفاقك ، صديقاتك وأصدقائك ، محبيك في كل مكان ، ألم عميق على فراقك، نحمل معه لك دعواتنا وصلواتنا لتصحبك على الدوام.
وها نحن ذا نقف أمام قبرك، والأرض التي تحتضنك اليوم كانت في الماضي مليئة بأحلامنا وطموحاتنا. كنت أكثر من مجرد صديق، كنت جزءاً من أنفسنا، وأيقونة في حياتنا .
فعلى الرغم من غيابك الجسدي عن عالمنا ، لكن روحك تبقى حاضرة في كل لحظة، في كل فكرة، في كل ذكرى.
لم يكن اللقاء بيننا صدفة في أزقة ودروب مدينة أزرو في ثماننيات القرن الماضي بمقر الحزب ؛ كانت أرواحنا قد التقت قبل أن تلتقي أجسادنا، ولقد عشنا معا في طموحاتنا وآلامنا، وكنت بالنسبة لنا أكثر من رفيق، كنت مرآتنا التي نرى فيها قوتنا وضعفنا ، نجاحنا وفشلنا، كانت الحياة معنا رحلة مشتركة، حملنا فيها أعباء الدنيا وأملنا في غدٍ أفضل.
واليوم هنا ، وأنا أتحدث إليك باسم رفاقك ، لا أستطيع إلا أن أشعر بتلك الفجوة التي تركتها في حياتنا. فكيف للزمن أن يمضي دون أن تشارك فيه؟ كيف لعيني أن ترى العالم دون أن أرى ابتسامتك التي كانت تبعث فينا الأمل في أحلك الظروف؟ ولنا في سهر الليالي أيام انهيار جدار برلين ، روايات وحكايات ، كانت بصيرتك أقوى من الزلزال الذي أصابنا .
مكافح من طينتك، يا أحمد ، سيظل حيا بيننا، طالما أنك تركت الكثير مما سنتحاكاه بيننا عنك من طــيبات الذكرى … وطالما أنّ لك من الرفيقات والرفاق من سيحمل القيم والمبادئ ذاتها التي حملت ، وطالما أن رفاقك سيظلون يذكرون سيرتك ، رفقة مؤسسات ومؤسسي حزبا بناحية مكناس عموما، وبأزرو خصوصا في سبعينيات القرن الماضي ، حيث تحملت مسؤوليات التنظيم والتأطير والتكوين في أحلك الظروف التي مر منها حزبنا ، وتحملت مسؤولية الكاتب الأول في الفرع ، أيام الجمر والرصاص ، ولم تتوانى لحظة واحدة في الاجتهاد والانفتاح على كل الطاقات الشابة التي عززت صفوف الحزب ، تشجيعا لهم على مواصلة الرسالة النضالية ، وشجعت العديد منا الحضور في المناسبات الوطنية والمؤتمرات الحزبية ، والتي كان لنا الشرف في تكريمك في المؤتمر الوطني العاشر .. فسنظل نخلد ذكراك يا رفيقي ، ونسير على خطاك….
فعلى الرغم من كل هذا الحزن، علمتنا أن الحياة تستمر، لذا نعاهدك أننا سنمضي في دروبنا التي رسمت خطوطها العريضة ،وستظل حياً فينا، في أفكارنا وأفعالنا، في الطريقة التي عشنا بها، وفي كل لحظة كان فيها أمل وصبر. ستبقى رسالتك في قلوبنا، وستظل ذكراك تتناثر كحبات المطر على أيامنا، تذكرنا بما كان وما يجب أن يكون.
فنمْ قريــر العين يا من سنفتقدك بحجم الحب الذي كنت تكنه للناس وللخير وللمستضعفين، وللوطن ولأزرو ومكناس وللحزب، ….
رحمك الله يا رفيقي العزيز، وجازاك الله، بخير الجزاء وأحسنه، على أنك كرست حياتك للنضال، باقتناعٍ والتزامٍ ونكران ذات، من أجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ولأجل المساواة والحرية والكرامة، دون أن تقهرك الظروف الصعبة، ودون أن تشكو من أعباء النضال، حتى آخر رمق من حياتك الحافلة بالعطاء والتضحيات.
كم هي حاضرة اليوم ومؤثرة في أنفسنا وفي قلوبنا تلك اللحظات الشيقة المملوءة بالنقاشات الصاخبة والمندفعة والحميمية حول مسار الحزب والوطن .
عزاؤنا واحد،أيها الأصدقاء والرفاق من جميع أنحاء المغرب ؛
انا لله وإنا إليه راجعون.
المصطفى عديشان
عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية