عبد اللطيف أوعمو الإنسان اللطيف
والرجل المتشبث بأصوله والحقوقي البارع
والمحامي النقيب اللامع والمناضل السياسي
المحنك والمنتخب النموذجي
تحية الحضور، والتعبير عن السعادة بالتواجد في لحظة مؤثرة ومفعمة بالمشاعر؛
الشكر للمنظمين؛
تقديم التهاني بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة؛
عبد اللطيف أوعمو، رمز من رموز الحزب؛
عبد اللطيف أوعمو ابن الخيمة الكبيرة، والأسرة العريقة، والوسط الديني والعلمي المتميز؛
تربى على قيم أصيلة ومبادئ نبيلة، وتشبع بها منذ نعومة أظافره وإلى الآن؛
مزج في تكوينه بين التعليم العتيق والتعليم العصري المنفتح؛
ذلك ما فتح لرفيقنا أبواب الانفتاح الواسع على ثقافات وحضارات عالمية، إضافة إلى المعرفة الواسعة بالفكر التحرري والتنويري الذي تتأسس عليه مدرسة حزب التقدم والاشتراكية؛
فلم تشكِّــــل البنية التي تربَّى فيها مانعًا أمام اعتناقه، وهو شاب يافع، الأفكار والمرجعيات التقدمية واليسارية؛
عاش وواكب، في بداية مساره الحزبي، رموز الرعيل الأول اللذين كانت تربطه بهم علاقات وطيدة (علي يعته – عبد الله العياشي – عبد السلام بورقية – عبد العزيز بلال – عبد المجيد الذويب – شمعون ليفي……)؛
وأيضاً جيل القيادات التي تحمَّلَت المسؤولية الحزبية وطنيا مع نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي (إسماعيل العلوي – عمر الفاسي الفهري- عبد الواحد سهيل – التهامي الخياري – محمد مشارك…..)؛
تحمَّل مسؤوليات بارزة على مستوى مدينة أكادير وتيزنيت، وساهم في توسُّع التنظيمات الحزبية في كل منطقة سوس؛
أسهم، إلى جانب جيل من القياديين المحليين، من أمثال ” محمد كيبوش، والدكتور عثمان أقلعي وعبد الله الموقت وأحمد لمزابي الشاوي وحسن عايش وحايم ربيبو ولحسن الفاروقي ومحمد السماعيلي، وغيرهم، في تكوين أفواج من المناضلات والمناضلين، في أوساط الحزب وشبيبته، وفي فضاء الحركة الثقافية والفنية والمسرحية، بأكادير، وفي أحضان الحركة الأمازيغية الملتزمة؛
التحق باللجنة المركزية للحزب، ثم بمكتبه السياسي، فكان عطاؤه السياسي الفكري والسياسي والقانوني متميزاً (شكَّلَ على الدوام وإلى اليوم قيمة مُضافة حقيقية، فكرية وسياسية وتنظيمية وانتخابية)، قبل أن يلتحق في المؤتمر الوطني الأخير للحزب سنة 2022 بمجلس رئاسة الحزب؛
ساهم، بقسط وافر، في إنتاج عددٍ من أدبيات الحزب ووثائقه الاقتراحية، ومذكراته الهامة، في مواضيع متنوعة، من قبيل: التعديل الدستوري، والجهوية، وإصلاح القضاء، والقوانين الانتخابية، وأنظمة الجماعات الترابية؛
الرجل كان، ولا يزال، قدوةً ونموذجاً في مجال العمل، كمنتخب محلي بداية؛ حيث مثَّل أحسن تمثيل ساكنة مدينة تيزنيت، إلى أن أصبح رئيسًا لمجلسها البلدي، فبصم بشكل خالد مسار هذه المدينة العريقة بتدبيره الصارم والنزيه، وبما بلوره على أرض الواقع من برامج تنموية تستفيد منها ساكنة المدينة وتذكُرها إلى اليوم. ثم أيضاً بصفته نائباً ثم مستشاراً برلمانياً، حيث يَشهد له الجميع بتألقه وعطاءاته المتميزة في شتى المجالات الرقابية والتشريعية، وبمواظبته على الحضور والإسهام القوي والنوعي، رغم بُعد المسافة ومشاق التنقل الدائم؛
ويستمر اليوم عطاءُهُ، كمنتخب على مستوى جهة سوس ماسة، بنفس الجدية والعطاء، والحرص الدائم على الدفاع عن الصالح العام، وعن الحق والعدل والإنصاف، وعن مصالح المواطنين وقضاياهم، وعن هذه الجهة العزيزة على قلبه، والتي نشأ وترعرع في أحضانها؛
حقلٌ آخر شاهدٌ على عطاءات رفيقنا، فعبد اللطيف أوعمو هو محامٍ متألق، استطاع، من خلال كفاءته المهنية العالية، أن يفرض مكانته كمرجعٍ في مهنة المحاماة، وكقانوني ألمعي، وكنقيب محترم ومقدِّر للمهنة بهيئة أكادير، اتسع صيته وشاعت سمعته الطيبة على المستوى الوطني؛
فلقد استطاع سي عبد اللطيف أوعمو أن يكون محامياً ناجحاً، يدافع ويرافع لصالح أوساط نافذة، كما كان أيضاً ملجأً للمستضعفين اللذين حمل قضاياهم بنفس درجة الجدية والالتزام التي كانت له في باقي القضايا، إضافة إلى استجابته الدائمة، ومن دون أدنى تردد، إلى كل نداءات حزبه وأوساط مناضلة أخرى، عندما كان يتطلب الأمر الترافع في مُحاكماتٍ سياسية.
سي عبد اللطيف، أيضاً، مناضلٌ حقوقيٌّ صلبٌ ومتمرس، واكب نشأة ونشاط مختلف مكونات الحركة الحقوقية الوطنية. ولا غرابة في ذلك، بحُكم قناعاته الفكرية والسياسية، لكن أيضاً بحُكم تشبعه العميق بالمرجعيات الكونية والوطنية لفضاء الدفاع عن حقوق الإنسان؛
عبد اللطيف أوعمو، كما يمكن أن يشهد به العديد من الحاضرين في هذه اللحظة التكريمية، رجل لطيف وهادئ، يحب الحياة، ويتميز بذوقٍ رفيع في مجالات شتى، وهو ما كان وما يزال يميزه على مستوى أناقة لباسه وميولاته الفنية والثقافية الرقيق (savoir vivre) وحُسن تعامله مع جميع الناس (savoir-être).
هكذا عرفتُ سي عبد اللطيف، وأنا شاب في سنواتي النضالية الأولى في في المغرب في منتصف الثمانينيات بعدما كنت قد التحقت بالحزب في نهاية السبعينيات بفرنسا وبعد عودتي من الدراسة بباريس؛
وهكذا تكونَّت بيننا علاقةٌ رفاقية متينة، لكن أيضا علاقة صداقة توطدت تدريجيا، منذ ما كنت أقوم به من زياراتٍ متعددة إلى مدينة أكادير أو مدينة تيزنيت، بداية ككاتب عام للشبيبة الاشتراكية في محطات شبابية رائعة صحبة رفاق أعزاء من أمثال العمالكي السعودي والمرحوم الصديق العزيز ورفيق الدرب عبد العزيز الفاروقي وعبد القادر عبابو ومحمد بلقاسمي وغيرهم، ثم عندما تحملت مسؤوليات وطنية حزبية كعضو في اللجنة المركزية ثم المكتب السياسي ثم كأمين عام، في لحظات جميلة خالدة ليس فقط بحُكم الأنشطة السياسية الناجحة التي كنت أحضرها صحبة رفاق قياديين أعزاء تربطهم بالرفيق عبد اللطيف علاقات متينة من قبيل المرحوم خالد الناصري ومصطفى لبريمي ورحال زكراوي، لكن أيضا من خلال أمسيات رائعة كنا نقضيها معا في نقاشاتٍ عميقة حول حاضر ومستقبل وطننا، وما كنا نتطلع إليه من دور طلائعي لحزبنا في تغيير أوضاع بلادنا وحمْل هموم شعبنا.
لم نعد نلتقي، رفيقي العزيز، بنفس الوتيرة التي كنا عليها من قبل، وإن كانت بعض الاتصالات الهاتفية بيننا، تارة لتتبع الأوضاع الشخصية لكل واحد منا، وتارة أخرى لتبادل الآراء حول تطورات وطنية أو حزبية، تملأ هذا التباعد الاضطراري الذي فرضته علينا الأيام.
لكن مناسبة تكريمك، اليوم، بمدينتك العزيزة تيزنيت، التي أشكر عليها جزيل الشكر كل الرفيقات والرفاق المنظِّمين، ومن ضمنهم الرفيقة خديجة أروهال، تتيحُ لي فرصةَ أن أقول لك في ختام هذه الكلمة المتواضعة والمقصِّرة في حقك وفيما تستحقه من عرفانٍ واعتراف بالجميل من قِبل رفاقك وأصدقائك: إنني شخصيا أعتز بأنك كنت وما تزال رفيقاً عزيزاً وصديقاً كبيراً سعدتُ كثيراً بمعرفتي له وبالصداقة التي تربطنا وبعلاقة الوُدِّ والعطف التي تجمعنا، وبما تقاسمناه من لحظات نضالية هائلة، وإنني، كأمين عام لحزبنا العتيد، حزب التقدم والاشتراكية، ونيابة عن كافة مناضلاته ومناضليه، أُعرب لك عن افتخارنا الكبير بك، وبما قدمته في مسارك النضالي المتميز من إسهامات سياسية وقانونية ومهنية متألقة، وبما نشعر به من سعادة عندما نسمع في فئات مختلفة وأوساط متعددة في كل أنحاء بلادنا ما يقال عنك من كلامٍ حَسَنٍ يعترف لك بسمو مبادئك وعَظَمَةِ عطاءاتك، كوطنيٍّ غيور وتقدمي أصيل، ويُؤكد على أنك نِعْمَ الرجل، ومن خيرة أبناء هذا الوطن اللذين أبلوا البلاء الحسن في الدفاع المستميت عن قيم العدل والمساواة وعن مبادئ الحرية والديمقراطية.
حفظك اللهُ، رفيقي العزيز سي عبد اللطيف، وأطال الله عمرك.
شكراً لكم.
تيزنيت في 25 يناير 2025