منير الحدادي

0

من حقنا جميعا أن نتمنى رؤية لاعب موهوب مثل منير الحدادي ضمن صفوف المنتخب الوطني المغربي، ولكن في نفس الوقت ليس من حق أحد اليوم تجريم هذا الشاب المغربي على اختياره الدفاع عن قميص منتخب اسبانيا، أو التشكيك في وطنيته.

القضية برمتها يجب أن تنتهي وتخرج من ساحة المزايدات الفجة وتبادل الاتهامات بين المتدخلين في شأننا الكروي الوطني، ويدرك الكل أن الأهم هو التركيز على سبل بناء فريق وطني قوي ومنافس استعدادا لمنافسات”الكان”التي ستحتضنها بلادنا قريبا.

منير الحدادي، ابن المغربي الذي وصل إلى اسبانيا عبر قوارب الموت أملا في تحسين وضعه الاجتماعي والمادي، هو من مواليد اسبانيا وفيها نشأ وبدأ مداعبة الكرة وصقل موهبته وطورها إلى أن بلغ ما بلغه، وعشرات المواهب الكروية مثله سبق أن أقدمت على الخطوة نفسها في اسبانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وألمانيا، مغاربة كانوا أم من جنسيات افريقية ومغاربية ولاتينية…

ولأنه موهبة كبيرة، ويلعب اليوم في فريق اسباني كبير هو البارصا، ونودي عليه للمنتخب الاسباني، فهو يستحق أن نشجعه، تماما كما كان الجميع يفعل مع زين الدين زيدان مثلا في فرنسا.

الحكاية كلها يجب أيضا أن تفتح أعيننا على مختلف الكفاءات الرياضية والعلمية والأكاديمية والفنية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تختزنها جالياتنا المغربية عبر العالم، والبحث عن أفضل البرامج والسياسات التي من شأنها توطيد ارتباطهم ببلدهم الأصلي، والاستفادة من خبراتهم وإمكاناتهم بلا مزايدات هوياتية فجة.

ومن جهة ثانية، يجب أن تمتلك بلادنا سياسة حقيقية للتنقيب عن المواهب الكروية والرياضية داخل ساحات وأحياء وملاعب مدننا، هنا داخل البلاد، والحرص على رعايتها وتطويرها لكي تمنحنا أسماء كبيرة تشكل الفريق الوطني، كما أن ذلك من شأنه أن يساعد على النهوض بتنافسية وجاذبية البطولة الوطنية لأنها ستكون معبرا لحمل قميص المنتخب، وبعد ذلك إذا برزت موهبة أخرى خارج الوطن، وتوفرت لديها الرغبة والاقتناع باللعب للفريق الوطني، فسيكون الباب مفتوحا لها عن استحقاق، وبلا كل هذه” الحيحة “التي تابعناها على هامش قصة منير الحدادي.

اليوم فريقنا الوطني في حاجة إلى كثير عمل وجهد لتركيب تشكيلة مقنعة، وطاقمنا التقني ومكتبنا الجامعي هما أيضا في حاجة إلى الانكباب على العمل بدل كثير كلام يكون في الغالب غير أساسي…

أما بطولتنا الوطنية فهي في حاجة إلى ثورة حقيقية، كما أن المنظومة الكروية برمتها تتطلب اليوم إصلاحات عميقة وجوهرية على أكثر من صعيد.

هذا ما يجب الانكباب عليه اليوم، بدل كل هذا التركيز المبالغ فيه على قضية منير الحدادي الذي قام باختياره، وهو مسؤول عنه، وبه وجب الإعلام.