فرصة تلفزيونية ضيعها البعض

0

بقلم محتات الرقاص –

حلقة ليلة أول أمس من البرنامج التلفزيوني “مباشرة معكم” على القناة الثانية “دوزيم” نجحت فعلا في إحداث تميز واضح، ويستحق مقدمها زميلنا جامع كولحسن عليها التحية والتنويه، وأيضا مرافقه في البرنامج الزميل يونس دافقير، بالإضافة طبعا إلى فريق الإعداد ومديرية الأخبار القائمة على البرنامج.
الحلقة المشار إليها نجحت أولا في اختيار الموضوع المرتبط بالحالية الوطنية وأجندة الموسم السياسي الجديد، كما نجحت في دعوة مشاركين هم فاعلون سياسيون وحزبيون لهم حضورهم وإسهامهم في الساحة الوطنية، كما أن الزميل جامع كولحسن نجح، إلى حد كبير، في إدارة الحوار والتفاعل مع مجرياته والوصول بالبرنامج إلى…  بر الأمان.
بقي دور المشاركين في البرنامج وضيوفه، وهنا لسنا في موقع “انصر أخاك…” إلى آخر القول العربي المأثور، وإنما المسؤولية تقتضي الإشارة إلى أن الزعيمين المعارضين كانا هنا لتسجيل النقاط على الخصم، وللإعلان عن موعد الإضراب، ولإعادة اجترار  اللاشيء…
أحدهما لم يتردد حتى في إعادة توجيه الاتهامات التي سبق أن نطق بها من قبل، ولم يقدر إلى اليوم خطورتها على صورة بلادنا وعلى سمعة مؤسساتها.
وعندما آن أوان الحديث بجدية عن إصلاح أنظمة التقاعد مثلا، لم يجد الأول من جواب غير أن الحكومة السابقة ضخت أموالا في هذه الصناديق، وما على الحكومة الحالية إلا أن تعمل بالمثل، وكفى… إصلاحا، أما صديقنا الثاني فببساطة فضل الإعلان بأنه لا جواب لديه وعلى الحكومة أن تنجز الإصلاح، وهكذا أنهت المعارضة دورها في الجواب عن محور كان أساسيا في البرنامج، ولم يسمع المشاهدون إلا جواب حزب واحد من ضمن مكونات الأغلبية الحكومية، اعتبر زعيمه أنه احتراما للمغاربة يجب تفسير ضرورة هذا الإصلاح وإكراهاته وتصوراته.
فعلا، وكما لفت الزميل يونس دافقير أثناء البرنامج إلى ذلك، فإن الصراع السياسي قد يشمل أيضا الضرب تحت الحزام أحيانا، ولكن المبالغة في ذلك من لدن البعض والتطرف في ممارسته كسلوك سياسي، سيحول السياسة، أو على الأصح المعارضة، إلى مجرد… “بسالة”.
في البرنامج التلفزيوني المشار إليه، كما في جلسات برلمانية سابقة، شاهدنا كيف تصير نقاط هامشية وثانوية هي جوهر الخطاب السياسي عن بعض الزعماء الحزبيين، ويقبضون عليها ظنا منهم أنهم يورطون خصومهم، لكنهم ينسون الانشغالات الحقيقية للمغاربة وما ينتظرونه منهم للنهوض بأوضاع البلاد.
بعد مشاهدة حلقة “مباشرة معكم”، ليلة أول أمس، من حقنا إذن أن نخاف على بلادنا وعلى السياسة عندنا، وأن نترحم على قادة كبار أنجبهم المغرب وقرنوا دائما المعارضة والسياسة بالمعنى أولا، وأيضا بالمصداقية والجدية وأدب الحوار.
هذه المرة التلفزيون قام بدوره، لكن بعض سياسيينا ضيعوا الفرصة أولا لتحسين صورتهم وتغيير نظرة الناس لهم، ثم من أجل أن يستعيد المغاربة اهتمامهم بشؤون بلادهم ويثقوا في السياسة والسياسيين، وهذا حقا مؤسف.
ومع ذلك يجب أن نستمر، بما في ذلك عبر تقوية حضور المادة السياسية في التلفزيون.