المغرب في اجتماع نيويورك

0

بقلم محتات الرقاص –

لفت المغرب الأنظار خلال اجتماع لجنة مكافحة الإرهاب بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، وأشاد الكثيرون بإستراتيجيته الوطنية بهذا الخصوص، كما فرضت المملكة على عديد قوى دولية ومراقبين الإنصات لما تقوله.
لم تكتف المملكة باستعراض تفاصيل مقاربتها وجهدها الأمنيين في مواجهة الإرهاب والتطرف، وإنما اعتبرت أن نجاح المعركة الأمنية والاستخباراتية لا يتحقق إلا بإنجاح المقاربة الدينية والفكرية، وأيضا العمل التنموي والإصلاحي، وكل ذلك ضمن سياسة متكاملة والتقائية.
لقد جدد المغرب، أثناء الاجتماع الأممي رفيع المستوى بنيويورك، التزامه بالانخراط في الجهود والمبادرات الدولية لمكافحة الإرهاب؛ ولكنه في نفس الوقت، أكد للعالم أن تجربة المملكة تستند على الدور المحوري لإمارة المؤمنين في البنيان الروحي والمؤسساتي للمغاربة، كما لفت إلى أن مناهضة الإرهاب تقتضي إرساء المشروعية السياسية ودعمها بالإصلاح في جميع الميادين، كما تتطلب وجود علماء وأئمة مكونين وواعين بمقاصد الدين ومصالح الأمة…
هنا تبرز قيمة المواجهة الفكرية والتربوية اليومية ضد المتطرفين، ذلك أن ضعف التأطير الديني في المساجد وخارجها، وضعف تعليم الدين في المدارس، هما البابان اللذان يتسرب عبرهما الإرهاب، وقد شرح المغرب في نيويورك حجم الجهد المبذول على هذا الصعيد، وأيضا الميزانيات التي خصصت في السنوات الأخيرة لهذا الأمر، والمبادرات المماثلة التي قامت بها المملكة تجاه بعض البلدان الإفريقية…
وبقدر ما يبقى كل هذا الجهد مهما، فإنه لا زال يتطلب المزيد من المبادرات بغاية محاصرة أفكار التطرف وتوعية الناس في المساجد وعبر وسائل الإعلام وفي المدارس لإشعاع إسلام الاعتدال والوسطية واحترام الآخر وصيانة حرمته.
وفي الإطار نفسه، فإن مواجهة الإرهاب بقدر ما تتطلب تمتين مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين ظروف عيش السكان من أجل اجتثاث جذور التطرف، ومحاربة الإرهاب الذي يستغل الهشاشة والفقر، فإنها أيضا تقتضي إنجاح مختلف مسلسلات الإصلاح، السياسية والمؤسساتية منها وأيضا الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية…
لقد استطاع المغرب التميز عن جواره المغاربي والعربي بفضل نموذجه الديني والمؤسساتي بالذات، وهذا ما فرض على الكثيرين في العالم اعتباره نموذجا مرجعيا يمكن تعميمه والاستفادة منه في بلدان أخرى بالمنطقة، ولهذا هو مطالب اليوم بالثبات داخليا على اختياراته الإصلاحية والديمقراطية والسياسية والتنموية الأساسية وعدم التراجع عنها، ثم العمل من أجل تطوير دينامياتها الإصلاحية  لتقوية الأمن والاستقرار والتنمية وتعزيز أسس دولة القانون وحقوق الإنسان.
إنه التحدي الذي يطرحه اليوم تميز النموذج المغربي.